للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد عقب الأستاذ محمد قطب على ذلك، فاستدل بتلك الأبيات وبقول الشاعر أيضا:

لا أرى الإيمان تشريعا وكتبا

بل أرى الإيمان وجدانا وقلبا

على أن شاعرنا يؤمن بالقلب وبالعقل، فهو يرى أن الدول الكبيرة التي تتحكم بالعالم اليوم لا ينقصها العقل، ومع هذا نراها تحدث في العالم الشر والنكر والعقل لديها متوافر! فالشاعر يدعو إلى مشاعر إنسانية تطهر هذا العالم الذي يتخاصم من أجل السلام.

الحياة الفكرية في مصر الحديثة؛

أشرت في الأسبوع الماضي إلى المحاضرة التي ألقاها الدكتور محمد كامل حسين في حفلة استقباله عصوا جديدا بمجمع فؤاد الأول للغة العربية واعدا بخلاصتها في هذا الأسبوع، وهذه هي الخلاصة:

تحدث عن سلفه في عضوية المجمع أحمد حافظ عوض، فكان مما قاله: أنه نشأ في عصر لا يعد خير عصور الحياة الفكرية في مصر، وآثاره الأدبية لا تخلو من صفات ذلك العهد، ولا يعد هذا عيبا، فحسب المرء أن تكون آثاره في ميدان الفكر صورة صادقة واضحة للعصر الذي يعيش فيه، وكذلك كانت آثار سلفي، ففيها تخبط الذين يلتمسون أسلوبا جديدا وتعثر الذين يتحسسون منهجا غير مألوف، ولا أكتمكم أني أحب كثيرا من هذا التخبط وذلك التعثر، بل بعضه أحب إلى نفسي من الكمال الفني، وإن لأجد سقارة أحب إلى من وادي الملوك، وأقدم الشعر عندي خير من شعر أبي تمام، وإن كنا لا نعرف للشعر العربي دور تعثر ولا طور بداءة، كأنما هو قد انبعث من رمال الصحراء أتم ما يكون جمالا، كما خرجت (فينوس) من أمواج البحر، والصورة القديمة أشهى إلى النفس من روائع (روفائيل) كأن الكمال الفني يشعرني قرب النهاية وضعف الشيخوخة.

ثم تحدث عن الحياة الفكرية في مصر الحديثة فقال: إني ممن لا يزالون يؤمنون بالفكر المحض وأثره في الحياة العامة. وأكثر الناس على أن الحياة الحديثة شغلتنا عنه بما هو أقرب منالا وأسرع جزاء، وأن المحدثين يفضلون العمل على الفكر، وأن الغلبة اليوم لما سميناه الماديات. وأننا فقدنا الإيمان وهجرنا الأخلاق واختلط علينا الخير والشر، ولا أريد دفاعا عن المحدثين، ولكني أقول إن هذه آراء لا تصدق إلا على ظاهر الأمور، واصل

<<  <  ج:
ص:  >  >>