للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعسف. . فإنه من الخسة والدينية أن يسخر الأزهر وعاظه في أن ينالوا من الإخوان ويحكموا قيود البطش. . ألا أنه قليل للأزهر أن يلام، وقليل لرجاله أن يتهموا بالخور والضعف والتدليس وحب الدنيا. . وإذا كانت فعلتهم في النكر ما هي، فإنه لأنكر منها أن يدافع عنها ويوقف إلى جانبها.

وآخره ما آخذه على الأستاذ هفوة أدبية - ولو أنها ليست في موضوع الكتاب إلا أنها جاءت متصلة بموضوعه:

فالأستاذ يرى أن المتنبي كان مرغما على مدح كافور الإخشيد. . ولست أدري ماذا أرغمه، ولم جاء إلى مصر إن لم يكن قصده المديح. . المتنبي رجل مداح لا أقل ولا أكثر. فإن ذهب إلى الشام فلمدح أمرائه قصد، وإن جاء إلى مصر فلمدح حاكهما أراد فيه أنه أرغم على مدح كافور؟. .

ويحدث عن كافور أنه كان عبدا بليدا. . فأما العبودية فليست مما يعاب به الإنسان كإنسان ولا يسب بها من ربى تربية بريئة من روح الجاهلية، وأما البلادة. . فالحكم بها على كافور أمر يدعو إلى الضحك الذي تمسك منه البطون، فأين وجدها الشرباصي، وكيف ألصقها بها الحاكم الذكي الداهية. . لقد هجا المتنبي كافورا بما لم يسمع بمثله فلم يقل قط أنه كان غبيا، وعندما تهيأ لمدحه لم يجد أفقاً أوسع للكلام من أفق ذكائه ودهائه:

مجربا فهما من قبل تجربه ... مهذبا كرما من غير تهذيب

حتى أصاب من الدنيا نهايتها ... وهمة في ابتداءات وتشبيب

يدبر الملك من مصر إلى عدن ... إلى العراق فأرض الشام فالنوب

ويقول الشرباصي إن الناس كانوا يسخرون منه عندما يلقبونه (مولانا الأستاذ)، والذي يظهر لي أن الأستاذ (أحمد لا كافور) لا يعلم أن كافور كان قبل توليته الملك، يدبر بيت الإخشيد. . وأن كلمة أستاذ كلمة فارسية من معانيها (المدبر). . فهذا لقبه؛ فهل - بعد ذلك - يكون من السخرية أن ينادي المرء بلقبه.

ويستدل الشيخ الشرباصي على غبائه وقلة فهمه بأن المتنبي كان يذمه ويهزأ به وهو لا يفهم، وآية ذلك عنده أمه قال فيه: -

وما طربي لما رأيتك بدعة ... لقد كنت أرجو أراك فأطرب

<<  <  ج:
ص:  >  >>