وحينما تخرج شيكهار صديق أخي من مدرسة الطب أصبح طبيب أسرتنا، وقد لمحته مرات مختبئاً وراء ستار، وكان أخر رجلا غريب الأطوار لا يهتم بالنظر إلى العالم الخارجي، وكان بوده ألا تكون الدنيا مقفرة ويبتعد بالتدريج إلى أن يقبع في ركن مظلم. كان شيكهارد صديقه الوحيد الذي أتاحت لي الفرص مقابلته، وفي بلاط المفتونين بحبي الذي كنت أتخيله في أوقات نزهني الليلة كان كل شاب مشتت الفكر عند قدمي يستعير وجه شيكهار. هل أنت مصغ إلي؟ وما قولك في قصتي هذه؟).
فأجبت وقد سبقت لساني زفرة:
(وددت لو كنت يشكهارا)؟
- انتظر قليلا وأصغ أولا لآخر الحديث، وفي ذات يوم مطير أصابتني الحمى فجاء الطبيب يعودني، وكانت هذه أول محادثة جرت بيننا. كنت راقدة أمام النافذة وقد لطف ضوء الشمس عند غروبها بيضا لوني، وحينما نظر إلى الطبيب وضعت نفسي مكانه وطفقت أنظر إليه مغرقة في التصوير والتأمل، وشاهدت وجهي الشاحب في ضوء الأصيل موضوعاً فوق الوسادة البيضاء كزهرة ذابلة، وحلقات شعري الحمقى تعبث بجبيني، بينما أجفاني مطرقة باستحياء ناشرة ظلا معبرا فوق سحنتي.
سأل الطبيب أخي والحياء يلعثم لسانه ويخفض من صوته:(أتسمح لي أن أجس نبضها؟)
(أخرجت من تحت الغطاء قبضة مستديرة مدنفة ولاحظت حينما تفرست فيها أنها عاطل من سواري الصغير!).
لم أر في حياتي أجهل من هذا الطبيب في جنس النبض. كانت أصابعه ترتعد حينما تمس ذراعي، فإن قاس درجة الحمى في جسمي فإني شعرت بدقات قلبه وقستها من أصابعه - هل وعيت حديثي؟
فقلت: بكل سهولة، إن دقات قلوبنا تعبر عن أفكارنا.
- وبعد عدة وعكات وكثير من الشفاء والعافية وجدت أن عدد المفتونين الذي يؤمون بلاط حبي الخيالي آخذ في النقص حتى انتهى إلى فرد واحد، وفي النهاية استحال عالمي الصغير إلى طبيب ودنفة.
وبمناسبة مقابلتي اعتدت أن البس سرا طيلساناً أصفر وكنت أعقد حول شعري عقداً أبيض