ضعف أولادهم، وإن حاربوا سقوطهم بكل الوسائل التي تصل إليهم أيديهم فإنما هم آباء يزهيهم أن يقال عن أبنائهم أنهم نالوا الشهادة، ولا يهمهم من بعد تثقف هؤلاء الأبناء أم لم يتثقفوا، ولا بد لنا أيضاً أن نضع عقلية الآباء موضع تقدير؛ فإن الكثيرين منهم لم يتعلموا، فإن كنا نعذر المتعلمين منهم إذا هم أخذوا أبنائهم بالشدة دون النظر إلى ميولهم، فإنه من باب أولى حتم علينا ألا نأخذ على غير المتعلمين معاملتهم لأبنائهم
بين أوامر وزارة المعارف وبين تنفيذ المدرسين لها، وبين شدة الآباء أو جهلهم لا يمكن للطلاب أن ينالوا ثقافة من المدارس الابتدائية والثانوية. واعتقادي أن الميل إلى التثقيف إذا لم يتكون في هاتين المرحلتين فالأمل في تكوينه بعد ضعيف. ونظرية الضغط الذي يولد الانفجار قديمة معروفة، ولا شك أنكم قد لمستم مقدار الضغط في حياة التلاميذ في المدارس الابتدائية والثانوية، حيث يصبحون كالآلات تتحرك إذا تحركت تبعا لتلك الإرادات الثلاث من وزارة المعارف والمدرس والأب. وهي تيارات متعارضة. فوزارة المعارف تريد أوامرها أن تنفذ؛ والمدرس يريد أن ينتهي من المقرر أيا يكون ذلك الانتهاء؛ والوالد يريد لابنه أن ينجح أيا كان ذلك النجاح. وهكذا تتعارض الإرادات في اتجاهات لها شتى؛ ولكنها جميعا تلتئم على ألا ينال التلميذ ثقافة حقيقية وتتضافر على كبت ميوله الثقافية. وينعقد إجماعها على ألا يصيب التلميذ قسطا من الاسترواح النفسي؛ بل هو دائما بين عقاب وتوبيخ وسوء معاملة، وهو كالآلة أمام هذه الإرادات، تسيرها كل إرادة على حسب هواها، فيزيد الضغط. . فما ينفلت التلميذ من التوجيهية إلى الجامعة حتى يحدث الانفجار. . انفجار ضخم. . فينتقم من التلميذ من سنوات في حياته عكرة مظلمة. . أنه في الجامعة ولا رقابة، وخاصة إذا كان في إحدى الكليات النظرية فإنه هناك لا يرتبط بالجامعة في شيء إلا في أسمه يقيد بها. ثم في تلك المنضدة يجلس إليها في أوائل الصيف من كل عام حيث يؤدي امتحانه. والصلة بينه وبين أستاذه بعد ذلك مفقودة كالعدم، فإننا اليوم نلاقي أساتذتنا فنعرفهم ولا يعرفوننا. وهم معذورون ونحن معذورون. والنظام هو المسئول؛ إذ يستحيل على الأستاذ بالكلية أن يتعرف هذا العدد الهائل الذي يحشد له في المدرج، فقد بلغ عدد الطلاب الذين التحقوا بكليات الحقوق في سنة ما ألف طالب. فإذا أعطى الأستاذ لكل طالب دقيقة في اليوم أو دقيقة في الأسبوع فإنه يستحيل عليه أن يتعرفهم جميعا. فإذا كان التعرف