فشعرت بشيء من الخجل والربكة لهذا السؤال كأني ارتكبت ما لا يتفق وحسن العشرة. لهذا عقبت:
- معذرة يا سيدي لقد ظننت ذلك مما سبق إلى سمعي من قول خادمك وإشارته إلى هذه اللعب. وأنت تعلم أن المرء لا يملك إذنه حتى ولو لم يرد ذلك. فافتر ثغره عن بسمة راضية ثم قال:
- وما قولك أني لست متزوجاً؟
وهنا بدت على دلائل الاستذكار والتأمل؛ ثم قلت فجأة:
- أوه! إن ما تقوله الحق، فحين تعرفت بك كنت عاقداً خطبتك على الآنسة ماندال فيما أظن؟
- نعم يا سيدي إن ذكرتك جيدة جدا. فاجترأت وتابعت:
وأذكر أيضاً أني سمعت أن الآنسة ماندال خطيبتك تزوجت موسيو. . . موسيو. . فلفظ الضابط في سكون هذا الاسم:
- موسيو فلوريل، أليس كذلك؟
- نعم هو بعينه. وأذكر أيضاً أني سمعت في ذلك الحين قصة فاجعتك، ونظرت إليه من جانب عيني فإذا بالدم يتدفق في وجهه أحمر قانيا، ثم إذا به يجيبني في حمية ونشاط مثل من يدافع عن قضية ضاعت له سابقا وفرط في حقه فيها وهو يريد الآن تبرير موقفه فقال:
- لقد كان من أعظم الخطأ بل والألم أن يذكروا أمامي اسم خطيبتي (ماندال) بعد إذ أبت من الحرب بدون ساقين، ويا للأسف، لم يكن بوسعي أن أقبل دون ألم وتقريع ضمير أن تصبح (ماندال) امرأتي: أترى ذلك يكون ممكنا؟ حين يتزوج المرء يا صديقي لا يفعل ذلك كي يتباهى على الناس بامرأة جميلة فتانة! إنما يفعل كي يعيش بجانبها ويتصل بها طوال الأيام والساعات والدقائق والثواني. فإذا كان الزوج مثلي كتلة شوهاء مبتورة فإنه بزواجه من فتاة ريانة الشباب يكون قد حكم عليها بالألم الممض وقسرها على حياته الناقصة