للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هي إذا (الشخصية) أو (الحرية) أو (سن الرشد) وغير هذا من الكلمات التي تزعجينها في بطون القواميس - تقيمين منها قانونا حين شعرت بالاستخذاء والظلم، سن الرشد!! المعروف أو سن الرشد الحقيقية تبتدئ منذ الميلاد، وتنتهي غالبا قبيل العشرين أو عندها، وعند العشرين تبتدئ سن الرعاية والملاحظة. . .

على أن لك في سنة الرشد رأيا غريبا - رأي يتغير حسب المصلحة والعصبية الشعوبية: تعطين سن الرشد للأفراد، وتحرمين منها الجماعات، تعطينها للغنمة القاصية وتمنعين منها الجامعة تستمد القوة والرشد من جماعتها وائتلافها. لكم تعمدن إلى القطيه تمزقين من وحدته حتى استحال إلى غنمات قاصية لا تكاد إحداها تسمع نداء الأخرى، ثم زعمت لنفسك عليها سلطانا في دعوى باطلة مزورة، تارة (برسالة الحضارة) وأخرى بأنها لم تبلع سن الرشد، وقد كان في اجتماعها وتآلفها الرشد كل الرشد، ولكنها المصلحة التي أنكرت فيها حقوق الإنسانية ويح المسيحية وويح الشرق منك يا أوروبا!

أسرفت في السرور حتى قتلت في نفوس أبنائك الإحساس بالسرور، وأقمت للوثنية هياكل مكذوبة، تقدمين لها قرابين دامية، هي أشلاء ضمير ممزق في معركة صرعت فيها (المنفعة) كل هواتف الروح، وما رضيت أن تشهدي وحدك هذه الأصنام بالأمس في قصر شابو، ولكنك تدعين معك فرائس السياسة، وغنائم القوة، ليشهد مضارع حقوقهم وأمانيهم. . .

حتى (الإنيسكو) هذا الرجل الوقور، سخرت منه أوربا و (ضحكت عليه) فغرزت في عمامته أعلام الشعوب ترفرف متساوية متكافئة، نعم نعم ترفرف متساوية متكافئة في (الهواء) تقولين له: (ما أحوجنا إلى رأيك في التربية والتعليم) ثم تسرين له في أذنه: (رسالتك شاقة، وإنك لتعرف ما بين السطور، فكن ماهر النفاذ، لطيف الأداء، فما أحوجك إلى (لكياسة) لتصل من التربية إلى (. . . .) فيبتسم هذا الرجل الوقور بينما ينكث أطراف لحيته المستعارة (إنني خبير (بالسجعة) المقصودة، وما أيسر أن تجمعهم هلي ضرب واحد من التسليم، ومنهج متحد من التربية، حتى تلتقي الأهواء، وتتآلف النزعات، وهناك تتم (السجعة المفقودة)، وقد نسيت أوروبا ونسي معها هذا الرجل شبه الوقور أن الشهوب لم تكن شعوبا لأن الأنهار تفصلها أو لأن الجبال تحد ما بين تخومها، ولكن الشعوب كانت

<<  <  ج:
ص:  >  >>