للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذه الإشارات التي تصدر عن الفاتيكان بين آنة وأخرى هي وليدة دراسة دقيقة للاتجاهات الفكرية في الجماعات التي تؤلف المجتمع الكاثوليكي بأوسع معانيه. وهذه الإرشادات هي بمثابة فتاوى يشترك في وضعها أهل الاختصاص من الكرادلة والمتبحرين في علوم الكنيسة، والعاكفون من كهنوتها على متابعة الأدب والفن والتيارات الثقافية المعاصرة.

وليس للكنيسة البروتستانتية - بسبب تشعب فرقها - مركزية تشابه الفاتيكان. ولذلك فإن تسجيل الاتجاهات الدينية بين البروتستانت يكون بنوع من الدراسات الإحصائية التي يغرم بها الأمريكان، وهم اليوم عماد العالم البروتستانتي. وعلى كل فإن كلتا الطائفتين - البروتستانتية والكاثوليكية - تمر الآن في نوع من البعث الديني، سواء تعرف عليه البروتستانت بطرق الإحصاء، أم سجله الكاثوليك في الفاتيكان بأساليبهم الخاصة.

والمراقب للحياة الدينية في الغرب، لا يصح أن يعتمد في تسجيله لظواهر هذا البعث الديني على أقوال رجال الدين أنفسهم، فهم بحكم حماستهم وعلاقتهم المهنية بالدين، أميل إلى تجسيم الظواهر، منهم إلى معالجتها معالجة إيجابية.

ففي الغرب أناس من غير رجال الدين، يلمسون ظواهر هذا الإحياء الديني، ولكنهم يفسرونها تفسيرا خاصا.

فمنهم من يقول أن الرجعة إلى الكنيسة مبعثها (أزمة الأعصاب) التي تعتري الناس في أوربا وأمريكا، بعد أن أتت الحرب الأخيرة، والحرب الباردة الحالية على البقية الباقية من الاستقرار النفسي، الذي تركتها الحرب العالمية الأولى والأزمة الاقتصادية الخانقة التي حلت بالغرب في فترة ما بين الحربين.

وبعضهم يدعي بان المجتمعات أميل إلى التعلق بلون من الإيمان الديني الثابت حين تداهمها ظروف حادة من الهستريا الشاملة التي تصاحب فترات القلق السياسي والاقتصادي، كهذه الفترة التي تمر بها المجتمعات في أوربا وأمريكا اليوم. فالرجعة إلى الكنيسة - في رأي هؤلاء البعض - مدفوعة بالرغبة في التخلص من المآزق النفسية والمادية التي هيمنت على ملايين الأنفس التي أخذت تكفر بالمبادئ الاقتصادية، بعد أن بليت بشرورها في الحرب الأخيرة وحرب كوريا، فرغبت في أن تتخذ لنفسها مخرجا في اختيار المبادئ الدينية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>