للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ساحرا على شهرته كحكيم، ونسجت برودة من العظمة حول شخصه، بحيث أن كل ذلك كان يبدو جليا في الرسائل التي كانت تعنون إليه، فكان مراسلوه الفرنسيون يلقبونه بـ (السيد العظيم) وهو لقب الأمير، كما أن إنكليزيا كتب إليه بعنوان (إلى صاحب السمو العاطر الأمير غوته في (وايمر). وقد علق الرجل الشهم (غوته) على ذلك بقوله (لعل الناس عندما يخاطبونني بهذه اللهجة يقصدون الإمارة الشعرية)

ولما مضى الشاعر العظيم لحال سبيله كان الرجل الألماني العادي والذي لم يقرأ شيئا من كتبه يخاطب صاحبه بقوله (هل سمعت أن غوته العظيم مات؟) وكثيرا ما أوصلته الأمراض الشديدة إلى حافة القبر، ومن ذلك أنه في السنة الثانية والخمسين من عمره هوجم بمرض الحمرة البشرية ونوبة سعال شديدة، وبعد مرور أربع سنوات انقض عليه مرض النومينيا مع نوبات حادة، كما أن داء المفاصل ومرض الكلى هاجماه فاضطر إلى الرحيل إلى بوهيميا. وما أن أقبلت سنة ١٨٢٣ - وقد بلغ سنة الرابعة والستين - حتى نجده واهن القوى روحيا وجسديا. كان ذلك بمثابة رجعة لوداع الحب في (ماري باد) وعلى الرغم من أن المرض الذي أعقب ذلك كان صعبا وصفه، ولكنه كان قتالا في تأثيره.

والخلاصة أن علاقته بالحياة أخذت تدريجيا تتعرض للخطر، ولشد ما كانت هذه العلاقة موضعا لإيثاره وحبه وغرامة، فحاول جهد ما استطاع أن يتظاهر بالخشونة كي يلعب دوره الذي قدر له، دور ابن الأرض القوي، دور ابن شجرة النبق، وكثيرا ما كان يباهي بذلك. أما أسلوب حياته فكان صحيا، ولكنه كان أكولا متحمسا، وكان يعير شهيته الشيء الكثير من التفاته مع كراهية للكعك والحلويات.

إن غوته يمكن أن يعتبر - بمقاييسنا الخاصة - مدمنا للخمر، لأنه كان يشرب قنينة كاملة من الشراب في العشاء علاوة على عدة أقداح من الشراب الحلو في وقت الغداء، وكانت عادته ذم الأشخاص الذين يفقدون حيويتهم بسرعة، وقد أشار على ذلك في حديث طويل مع أحد أصدقائه - وقد بلغ آنئذ الحادية والثمانين - في معرض كلامه عن وفاة سومرنغ) العالم الألماني الشهير في التشريح فقال: (وسمعت بأن سومرنغ توفي في الخامسة والسبعين من عمره التعس وحسب. أن الناس جبناء فهم لا يملكون القوة الكافية للاحتفاظ بعمر أطول من ذلك، وعليه فليس لي إلا أن أمدح صديقي (بنتام) الاقتصادي الإنكليزي،

<<  <  ج:
ص:  >  >>