للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومنهن خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ابن كلاب المرأة الحكيمة الموسرة كلمها أبو طالب في أن توكل محمداً على تجارتها وهو الصادق الأمين، فتأملت وهي المرأة الرشيدة فأنست خيراً ووكلت محمداً واشترطت له كل سفرتين بقلوصين، فصار يذهب بتجارتها ويقدم إليها الربح الجزيل بأمانة وإخلاص، فلما أعجبها إخلاصه وأمانته وصدقه عزمت على التزويج منه ولم تكن معه على صلة متيسرة بدليل وساطة نفسية بنت منية أو كما قيل بوساطة ميسرة مولاها بينهما. وكان أبوها خويلد يرغب عن تزويجها من محمد، فاحتالت بأن دعت قوماً من قريش فيهم أبوها وقدمت إليهم طعاماً وشراباً، فلما أكلوا وشربوا وثمل خويلد قالت له: - (إن محمد بن عبد الله يخطبني فزوجني إياه) فزوجها ورضي بذلك، فقامت إليه وألبسته وطيبته على عادة من يزوج ابنته آنذاك، ولما أفاق ورأى ما هو فيه سألها يقول: - (ما شأني؟) قالت: - (زوجتني من محمد بن عبد الله). قال:. . (أنا أزوج يتيم أبي طالب؟ لا لعمري) قالت: - (ألا تستحي. . تريد أن تسفه نفسك عند قريش فتخبر الناس أنك كنت سكران؟) ثم رضي بعد إلحاح وتم الأمر، وعمرها أربعون سنة ولمحمد من العمر خمس وعشرون سنة. . أن هذه الرواية لخير دليل على تعلق خديجة بمحمد وحبها إياه لما اتصف به من الخلق الحميد، وإلا فلا يعز عليها الرجال وهي الشريفة الموسورة. . وليس فضل خديجة على الإسلام بمجهول ولا مداراتها للنبي بمنكورة، فلقد كان لها رضي الله عنها أطيب الأثر بحياة الرسول قبل النبوة وبعدها إذ كانت تزوده بما يكفيه من الطعام فيذهب لغار حراء يقيم فيه الأيام والليالي متعبداً مفكراً في أمر ربه. ولما جاءه الحق من ربه رجع لخديجة وهو يرتجف ويقول: - (قد خشيت على عقلي) فشجعته وقالت: - أبشر - ولله - لا يخزيك الله أبداً. . إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتعين على نوائب الدهر) ثم صدقته وأسلمت؛ هذه سيدة قريش التي كان لها الأثر الفعال بحياة محمد (ص) والتي كانت أول أم للمؤمنين.

ومنهن أسماء بنت أبي بكر (ض) كانت ذكية الفؤاد شديدة الحرص والحساسية، بدليل تمكنها من نقل الزاد للنبي (ص) وأبيها (ض) وهما مختفيان في الغار. . فلم يطلع على سرها أحد من قريش. . إذ لولا يقظتها لتمكنوا من معرفة مكان النبي وألحقوا به الأذى. أن تاريخ هذه المرأة في الإسلام معروف، وإنما أوردنا عنها هذه النبذة لنتصور أثرها بقلب

<<  <  ج:
ص:  >  >>