الرسول في تلك الساعات الحرجة الرهيبة التي هدر بها دمه مذ صمم أهل مكة على قتله.
ومنهن أم معبد عاتكة بنت خالد بن خليف الخزاعية، وهذه المرأة لما توجه النبي إلى المدينة وقد اقترب منها ونزل بيتها فقال عندها وظهر من آيات معجزاته ما أدهش أم معبد فقد مسح ضرع شاة لها فحلبت لبنا كثيراً وبقيت كذلك للسنة الثامنة عشرة بعد يوم الهجرة، ومن ذلك ظهور البركة في الطعام الذي قدمته أم معبد للنبي فأكل منه وتزود وكان قليلا بعينها. هذه عاتكة الخزاعية هي التي صارت فيما بعد داعية للنبي ودينه الجديد تبشر به لإعجابها بسمو أخلاق نبيها وآيات معجزاته.
ومنهن عائشة أم المؤمنين (ض) بنى بها النبي في المدينة بعد الهدرة بتسعة أشهر، وأثرها بحياة الرسول أشهر من أن نترجم له، فقد أحبها الرسول وصارت بعد وفاته ثقة برواية الحديث الشريف. وقد كانت من النساء اللواتي يعتنين بالمحاربين في الغزوات فتقدم إليهم الماء والطعام محمولا على ظهرها.
ومنهن عصماء بنت مروان الأموية كانت تكره النبي وتؤذيه وتحرض الناس وتؤلبهم عليه وتعيب دينه، فكان لهذه المرأة وهي على هذا الوصف أسوأ الأثر بقلب النبي (ص) ولذا رأيناه مجد من قتلها وفتك بها، وذلك أن عمير بن عدي وهو أعمى من رهطها وكان موالياً للنبي حلف ليقتلنها أن عاد النبي من بدر لأنها كانت تؤلب الأعداء عليه، فلما رجع ذهب إليها عمير ليلا فوجدها نائمة ولها رضيع يرضعها فأبعده عنها وغرس سيفه في صدرها فقتلها وخرج دون أن يعرف أحد بامره، فلما كان الصبح جاء عمير إلى المسجد ليصلي مع النبي، ولما صلى وانصرف نظر إليه النبي وقال: - (أقتلت ابنة مروان؟) قال: - (نعم يا رسول الله) قال: - (نصرت الله ورسوله) فقال عمير: - (هل علي شيء من شأنها يا رسول الله؟) فقال النبي: (لا ينتطح فيها عنزان). . هذه المرأة التي كانت تؤلب الأعداء على النبي وتدعو لإيذائه كانت ولا شك على وئام مع أعدائه الذين كان منهم اليهود فقبحها الله وقبح ما كانت تدعو له. .
ومنهن سلافة بنت سعد بن الشهيد زوج طلحة بن أبي طلحة؛ كانت من أعدى أعداء النبي ويكفي تبياناً لذلك تحريضها ذويها على المشاركة في الحرب ضده في غزوة أحد، وأنها وضعت مائة من الإبل جائزة لمن يأتيها به، وكان أن حمل زوجها طلحة راية المشركين