للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذه هي رسالة الله التي جاء بها موسى وعيسى ومحمد. فلسنا نخرج على أمم الغرب ودوله بجديد حين ندعو إلى هذه الأهداف السامية، لأنها من صميم رسالتهم من قبل أن يحرفوا الكلم عن واضعه، ومن قبل أن يفصلوا الدين عن الدولة. ومع ذلك فهم يرونها شيئا غريبا، لأنهم مردوا على النفاق والاستغلال والشهوة، ومردوا على مقاطعة رسائل الوحي ومخاصمة الأنبياء، إذ في هذا الرسائل حد من طغيانهم وعبثهم ولهوهم واستغلال للأمم والشعوب.

الإسلام دين سلام لا دين حرب. وهو يقاوم الحروب في كل مظاهرها إلا فيما يتفق ورسالته العالمية؛ فهو لا يرضى الحرب العنصرية، ولا يرضى حرب الدينية كما يفهمها الأوربيون، ولا يرضى حرب الاستعمار والاستغلال، ولا يرضى حرب الأمجاد الزائفة للملوك والأبطال، ولا حرب المغانم والأسلاب؛ إنما هي حرب واحدة يرضاها، ليقر السلم والعدل في الأرض، ولينعم الناس بالهدوء والأمن، ولينسموا أنسام الحرية والتقدير. وهي الحرب التي يعلنها على الظلم في جميع صوره وأشكاله، فلا يهادن قوة ظالمة على وجه الأرض، سواء تمثلت هذه القوة في صورة فرد يتجبر على الأفراد والجماعات، أو في صورة طبقة تستغل الطبقات، أو في صورة دولة تستغل الدول والشعوب. إنها كلها صورة واحدة في عرف الإسلام، صورة منافية لمبادئه الأساسية، وعليه أن يجاهدها ما أستطاع، وعليه ألا يهادنها إلا ريثما يتجمع لكفاحها، ولا يعاونها ولا يقف في صفها بحال من الأحوال (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)

هل الدين الذي يسعى إلى هذه الغاية دين حرب؟ هل الدين الذي لا يفرض نفسه عقيدة على الناس دين قتال؟ هل الدين الذي يحرم الإكراه في العقيدة دين عسف؟ وهل المسلمون الممتثلون لهذه الغايات الشريفة متعصبون؟ نعم متعصبون! ونعم هو دين حرب! في رأي الدول الغربية التي رفضت الخضوع لدينها الصحيح! وفي رأي بعض (المسلمين) المحسوبين على الإسلام ظلما وعدوانا!

هذا الكتاب الجميل الرائع من صفحته الأولى إلى صفحته الأخيرة لتقرير السلم في رأي الإسلام. هذه السلم التي تتمثل في دفع الظلم وإقرار العدالة الاجتماعية وحسب. هذه السلم التي تبدأ من ضمير الفرد وتنتهي إلى هذا العالم الأوسع. وقد قدمت حقائق هذا الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>