الشاعر الواقعي هردر، كما أن قصيدته (غوتس فون بيرلنجن) كان لها الوقع نفسه، تلك القصة التي هزت المسرح بأسلوبها الشكسبيري وبعرضها الألماني القديم، وقد وصفها فردريك الكبير بقوله (إنها جنون لا شكل له) ونبذها، ولكنها مع ذلك حازت سمعة هائلة باستفزازها وتحديها لجميع النظم الشعرية وسخريتها بما تواطأ عليه الشعراء، فوصفها غوته نفسه بأنها أحدثت رضا شعبيا شاملا وذلك في كتابه (الشعر والحقيقة). ثم نأتي بعد ذلك إلى بعض المشاهد الأولى من (فاوست) فنجد أصدقاءه يصفقون والمداد لم يكد يجف، ويتحدثون بفرح متزايد (عن الشخص الذي ينمو بصورة منظورة)
أما (الآم فرتر) تلك القصة التي انطبعت بطابع الرسائل فلم تقتصر على أصدقائه والمقربين إليه أو مدرسته الخاصة ولا حتى بلاده ألمانيا، بل تعدتها إلى العالم فاحتضنها كما احتضنته هي. ولا ريب أن العاطفية الواهنة الخجلة التي أبدع في جلائها هذا الكتاب الصغير، هي التي جلبت إلى مؤلفه مقت الأخلاقيين بالرغم من إخلاصها الطبيعي، وأثارت في الوقت نفسه عاصفة من الاستحسان اللامحدود من قبل الشباب. إنها كانت كالشهاب الذي سقط في مستودع مفرقعات فأحدث انفجاراً للقوى الخطرة التي كانت متحفزة للانطلاق. ويبدو أن الرأي العام في جميع الأقطار كان ينتظر - وبصورة سرية - هذا الكتاب من شاب ألماني مغمور في المدينة الإمبراطورية. . ومن الغريب أن نابليون نفسه كان يحتفظ بالترجمة الفرنسية لهذا الكتاب في الحملة المصرية. لم يتمكن غوته أن يجرب نجاحاً عاصفاً كما جربه في هذا الكتاب، فإنتاجه الذي شغله طوال حياته لم يقابل بمثل الحماسة التي قوبل بها هذا الكتاب.
أما كتابه (ولهلم مايستر) فقد لاقى رواجا كبيرا وعد من وجهة النظر الفنية - أي من وجهة النظر الرومانسية - بمصاف الثورة الفرنسية ونظرية (فخته) في العلوم. وعلى أي حال فإن هذا التأثير يمتد إلى (سترفتر) و (كلر) و (الجبل السحري) ولكنه يعد الثاني بالنسبة إلى (فرتر) في مدى نجاحه، وهذا ينطبق بالفعل وبصورة أوسع على كتابه (القرابة المنتخبة) وأشخاص روايته هذه يمثلون رموزاً وبيادق في لعبة ثقافية تدعو إلى التفكير العميق. . أما كتابه (الديوان الشرقي للمؤلف الغربي) والذي احتوى على مالا يثمن من جواهر غوته فقد ظلت طبيعته الأولى في المكتبات مكدسة بدون أن تلقى رواج يذكر.