أنهى غوته القسم الثاني من فاوست تجهد جهيد وتعب شديد، لأن قوته البدنية كانت في تدهور مستمر؛ وقال بخصوص ذلك ما يلي:(إن هذه الأوقات سخيفة جدا لدرجة أنها أقنعتني بان جميع مجهوداتي المضنية المخلصة سوف لا تجازى، بل سيرمى بها على ساحل البحر! وستحطم هناك إلى أن تتغطى برمال الشرف). .
تأثير فاوست العالمي
نشرت بعض القطع من القسم الثاني من فاوست في حياة غوته وخصوصاً ملحمته (هيلين) التي نشرت في جميع المجلات الفرنسية والأسوجية والروسية، وقد علق على ذلك غوته بقوله:(إن الأدب الوطني لم يعد له مكان يذكر في عصر الأدب العالمي، وإن كل شخص يجب أن يبذل جهده للإسراع بإيصال هذا العصر إلى ذروة قوته)
كيف أدمج العالم بذاته؟ وكيف أثر فيه؟ ماذا أعطته كل من إنكلترا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا والشرق الأقصى وأمريكا؟ وكيف أثر في الحياة الثقافية لهذه البلدان جميعا؟ كل ذلك وأكثر من ذلك يشرحه لنا المؤرخ الأدبي (فرتر سترخ) في كتابه (غوته والأدب العالمي)(والذي لا يزال أكبر مصدر في دراسة غوته.) وقد قال أمرسون بخصوص فاوست ما يلي: وإن الشيء البارز في هذا الكتاب هو الذكاء الهائل. أن ذكاء هذا الإنسان محلل جبار للعصور القديمة والحاضرة على السواء، بما فيها من الأديان والسياسة وأساليب التفكير؛ محلل لها إلى عناصرها وأفكارها المبسطة). فهذا الذكاء هائل وهذه الإحاطة الشاملة والتنظيم الدقيق والعقل الممتزج بالشاعرية، كانت تمثل فكره الجبار الذي كان ينبض بمشاعر المستقبل بشجاعة خارقة. ومن الغرابة أن نتصوره وقد تحدى الموت بإدراكه للمستقبل وبتوقه له، وهو لا يزال في دور الصيرورة والتكوين، وليس في الناحية الأخلاقية والظاهرية وحسب، بل حتى في الناحية العملية، هذا التوقع الذي كان واجب كل شخص الإسراع بإعداده والتهيؤ لاستقباله والعمل على برازه إلى حيز الوجود وفي الحقيقة فإن كتابه (رحلة ولهلم مايستر) الذي وضعه في أواخر أيامه - يتضمن فكرته الأساسية وهي (النفور). أما مثله الأعلى المتقمص في فكرة (الشخصية الكونية) فنراها تذبل تدريجياً حتى تسقط نهائيا من مؤلفاته الأخيرة فيحل محلها العصر الإجماعي، وأما ما نجده في هذا الكتاب فهو عدم أهلية الفرد للقيام بما يتطلبه المجتمع منه كفرد، ولذا فاجتماع الناس هو الذي يكون مفهوم