للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن مثلما وضحت ذكاء ... ونور حاضر منها وباد

فما ذهبت فلسطين بسحر ... ولا كتب الفناء بلا مداد

وما كانت فلسطين لتبقى ... وجيرتها يصاح بها بداد

وست جهاتها أخذت بجموع ... وجهل واحتقار واضطهاد

شعوب تسترق فما يبقي ... على أثر لها ذل الصفاد

تساط بها المواهب والمزايا ... وتحتجز العقائد والمبادئ

وتطلع بين آونة وأخرى ... (بحجاج) يزيف أو (زياد)

فيذوي الخوف منها كل خاف ... ويصمي الجور منها كل باد

وتنتهب البلاد ومن بنيها ... يؤوب الناهبون إلى سناد

وتنطلق المطامع كاشرات ... تهدد ما تلاقى بازدراد

وتنطبق السجون مزمجرات ... على شبه وظن واجتهاد

والعامل الثالث في رأي الشاعر هو ما لدى اليهود من منعة وعتاد، فقد جذبوا الرأي العالمي والصحافة العربية بما توفر لديهم من حذق وإخلاص، وقد تربوا تربية صالحة قوية، فحذقوا العلوم والصناعات، وساهمت المرأة لديهم في البيت والمصنع والمعبد والقتال، فليس فيهم من فقير يستجدي الأكف، ولا ملقى بقارعة الطريق تحمله أمه في الكور بجهد جهيد، ولا زعيم خائن يغضب المال والجاه على حساب الضحايا والأبرياء، ولا مماسيخ مشوهون قد حطمهم السغب والكلال!! هؤلاء جميعا لا يوجد أحد منهم لدى الأعداء، مع أننا لا نجد غيرهم في جيوشنا الواهنة المتخاذلة!! فكيف تتعادل الكفتان!؟ ويتحقق المحال، هذا ما يصرح به الشاعر إذ يقول:

جيل تصرم مذ أبدى نواجذه ... وعد لبلفور في تهديدها قطعا

والساهرون عليه، كل منتخب ... بيني ويهدم أن أعطى وإن منعا

تهوى العروس على أقدامهم ضرعا ... وتحتمي سادة الدنيا بهم تبعا

مررت بالقوم (شذاذ) فما وقعت ... عيني على متمن غيره ضرعا

ولا بملقى وأهليه بقارعة=ولا بحاملة في الكور من رضعا

ولا بمن يحرس الناطور أرجلهم ... مهروءة سهلت للكلب منتزعا

<<  <  ج:
ص:  >  >>