وسأل شاروف جيرازيم عن مكان مسكنه وعن مخدوميه السابقين ثم أخبره بعد ذلك باستعداده لقبوله خادما عاما يؤدي كل ما يطلب منه وأن يأتي صباح اليوم التالي ليبتدئ عمله. وأذهل جيرازيم هذا المفاجئ وكان فرحه عظيما حتى أن قدميه لم تقويا على حمله، وبعد برهة رجع جيرازيم إلى غرفة الحوذي.
وقال له الحوذي:(حسن يا بني يجب أن تعنى بأن تؤدي واجبك على الوجه الأكمل حتى لا أضطر يوما إلى الخجل بسببك، أنت تعرف من هم السادة إذا قصرت مرة تعقبوك دائما بالبحث عن أغلاطك ولن يدعوك في سلام أبدا.
- كن مطمئنا يا يجور
وانصرف جيرازيم وعبر في طريقه فناء المنزل، وكانت غرفة بوليكار تطل على هذا الفناء وكان ينبعث منها نور ضئيل يضئ طريق جيرازيم الذي شعر بالشوق إلى رؤية الغرفة التي ستخصص له، ولكن زجاج النافذة كان مغطى بالصقيع بحيث يتعذر رؤية أي شيء خلاله. وسمع جيرازيم أصواتا تنبعث من الغرفة فوقف يتستمع. سمع صوتا نسائيا يقول (ماذا نفعل الان؟) فأجاب رجل - وكان بوليكار لاشك:
- لست ادري. . لست ادري نطوف الشوارع مستجدين
- هذا كل ما بقي لنا. وما من حيلة أخرى. بالله لنا، نحن الفقراء! أي حياة تعسة نحياها؟ نكد ونكدح من الصباح الباكر حتى الليل يوما بعد يوم وعاما بعد عام، وعندما تتقدم بنا السن تتضور جوعا.
- ماذا نفعل؟ إن سيدنا ليس من طبقتنا ولا جدوى في الذهاب والتحدث إليه. أنه لا يهتم إلا بمصلحته.
- كل السادة على مثل هذه الحالة. انهم لا يهتمون إلا بأنفسهم، لا يخطر ببالهم أننا نعمل بشرف وإخلاص مدى سنوات، نفى زهرة قوانا في القيام بخدمتهم ثم يخشون أن يبقونا عاما آخر، حتى ولو كانت لدينا للقيام بواجباتهم. فإذا عجزنا تماما وجب علينا أن ننصرف من تلقاء أنفسنا.
- إن شاروف لا يلام بقدر ما يلام حوذيه الذي يود الحصول على مهنة لصديقه.
- نعم. . . . يا له من ثعبان! أنه يعرف كيف يشقشق بلسانه. . . . وأنت يا يجور أيها