للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فبالله قل لي إلام تنظر كذلك تجتاحك الأعصر

وأنت تكر كرور الزمان ... فلا تستقرر ولا تفتر

وهذا الوجود كما كان قبل شعوب تجئ وأخرى

تروح

ودنيا تضج بسكانها ... فهذا يغني وهذا ينوح

وذلك مستلم للقدر

وكثيرة هي وقفات الأدب الحديث على الطبيعة الملاحية من جبال وأودية وأنهار وصحار ونجوم ورياح وبحار حتى ليتعذر حصرها.

وكما شغف الأدب الحديث بالطبيعة الملاحية فأحياها وجعلها ذات شعور وأدراك ونظراً مستوحياً منها الأفكار والخواطر والعبر، شغف أيضا بالطبيعة الحية من نبات وحيوان فجعلها موضعاً لتخيلاته وتأملاته، ووسيلة للتحدث عما يتجلى له في حياته.

ففي عالم النبات مثلا يقص علينا جبران جبران حديث البنفسجية التي كانت تطمح أن تكون وردة.

وممن استخلص من البنفسجية موضوعاً إنسانياً خليل شيبوب إذ وصف جمالها وتواضعها فقال.

قد التحفت أوراقها وتطامنت ... على نفسها في ورق وتواضع

مكحلة الأجفان يقضي حيائها ... عليها بإغضاء اللحاظ الخواشع

وهل كبرياء الدوح تعدل نظرة ... للمومة ثوبها المتواضع

وفي غابة من غابات البرازيل يمر الشاعر القروي مرة فيرى دوحة عظيمة قد طرحتها الأرض يد الإنسان فيحدثنا حديث تلك (الدوحة الساقطة) وشكواها من جور الإنسان. وفي هذا الحديث تذكر لنا الشجرة شيئاً عن حياتها ونشأتها وكيف نمت حتى أصبحت كثيرة الأغصان وأرفه الظلال تأوي أليها الطيور ويقصد ظلالها طلاب الراحة. ثم نصف عالم النبات وأنه هو موطن المساواة والخير، لا عالم الإنسان الموبوء بالطمع والفساد القائم على التعدي والتدمير. وبعد أن تنعى نفسها إلى أشجار الغاب يتناول الشاعر الحديث مستطرداً إلى وصف الدوحات البشرية (أي النوابغ) وما يصيبهم بين الناس من هوان وعناء. ومن

<<  <  ج:
ص:  >  >>