للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آه يا قبر. . له إشعاع نور

لا أرى اجمل منه في القبور

فيك دنياي وفي قلبي الكسير

مأتم ما أنفك مذبات لديك

قائما يأخذ منه بالوتين

وهنا أقف لحظة لأسجل أن فدوى قد بلغت القمة في هذا الفن؛ أقصد فن الرثاء من ناحية الصدق والشعور؛ والصدق الفني وأقصد به الصياغة اللفظية التي تتجلى واضحة في شعر الشاعرة. مما يدل على تمكن من لغة عدنيان، وإحاطة بإسرار بيانها، واستعمل مفرداتها. وللشاعرة في رثاء أخيها شعر كثير لم يتضمنه الديوان.

وتترك فدوى التي هدها الحزن وأضناها الأسى على إبراهيم. . إلى فدوى الشاعرة الوطنية التي ترى بلادها المقدسة تخر صريعة أمام العدوان الاستعماري الظالم - ولا أقول الاستعمار الصهيوني فنحن نعلم من يقف وراء الصهيونية - وتشاهد الكارثة المريعة تدمر بناء أمتها وتدك مجدها فتثور عاطفتها الوطنية، وترسل صيحتها الشعرية تستصرخ أبطال العروبة وتستنهض همم العرب ليدفعوا عن فلسطين العدوان ويدرءوا عنها العدو؛ فتقول من قصيدة (بعد الكارثة) ص ١٢٧

يا وطني مالك يخنى على ... روحك معنى الموت معنى العدم

أمضك الجرح الذي خانه ... أساته في المأزق المحتدم

لا روح تستنهض من عزمهم ... لا نخوة تحفزهم، ولا همم

ولا يلبث الأمل أن يداعب قلب الشاعرة فتحس أن الغمرة ستنجلي، وإن هذا الليل المظلم سيعقبه فجر مشرق، وإن السحاب المركوم سيتبدد عن صفحة الجو، فلا يزال في الأمة العربية شباب أحرار من الذين يأبون الضيم، ويحاربون الهون أن يقعدوا عن ثأرهم.

ستجلي الغمرة يا موطني ... ويمسح الفجر غواشي الظلم

هو الشباب الحر ذخر الحمى ... اليقظ المستوفز المنتقم

لن يقعد الأحرار عن ثأرهم ... وفي دم الأحرار تغلى النقم

ولقد عاصرت فدوى مراحل جهاد العرب في فلسطين ضد الاستعمار البريطاني

<<  <  ج:
ص:  >  >>