والصهيوني الآثمة. وشهدت قوافل أبطال الحرية المتتابعة، الذين قدموا أرواحهم رخيصة للدفاع عن أوطانهم منذ البطل المجاهد المرحوم عز الدين القسام. إلى الثورة الفلسطينية الكبرى سنة ١٩٣٦. وشهدت جبلي جرزيم وعيبال يموجان بالمجاهدين من أبطال جبل النار، فكان كل ذلك من أكبر العوامل التي جعلت من فدوى شاعرة وطنية تؤجج في النفوس عاطفة الدفاع عن الوطن. وتضرم فيها النخوة والحمية، وتذكر المجاهدين العرب بصفحات البطولة اللامعة التي سطوها التاريخ لأجدادهم الغابرين.
وتقع الكارثة عام ١٩٤٨ وتهوى البلاد إلى حضيض الاستعباد وتهيم جيوش اللاجئين من أبناء فلسطين على وجوههم يبحثون عن المأوى فلا يجدون ألا المغاور والكهوف والأودية والشعاب والخيام المهلهلة التي لا ترد الحر والقر فيتخطفهم الموت زمرا لا فرادى. ويوحي هذا المنظر المريع الشعر في قلب فدوى فتنشد من قصيدة (مع لاجئة في العيد) ص ١٢٩
أختاه هذا العيد رق سناء في روح الوجود
أشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيد
وأراك ما بين الخيام قبعت تمثالا شقيا
متهالكا يطوى وراء هموده ألما عتيا
يرنو إلى اللاشيء. . . منسرحا مع الأفق البعيد
وأترك هذين الفنين الشعريين من الفنون التي حلقت فيهما الشاعرة الحديث عن فدوى الإنسانة التي لا تقف برسالتها الفنية عند تصوير عواطفها، وبث آلامها وأحزانها. شأن الشعراء الذين يتحدثون عن ذواتهم ولا يحسون بإحساس أمتهم ومشاكل مجتمعهم، ولأقرر أن فدوى فنانة وإنسانة تشاطر البائسين آلامهم، وتدعوا البشرية لتجفيف دموعهم. وتنادي بالعدالة الاجتماعية حتى لا يكون في الناس جائع ولا محروم. تقول من قصيدة (مع سنابل القمح) ص ٢٦
كم بائس، كم جائع كم فقير ... يكدح لا يجني سوى بؤسه
ومترف يلهو بدنيا الفجور ... قد حصر الحياة في كأسه
لم تحبس السماء رزق الفقير ... لكنه في الأرض ظلم البشر
بقي أن أقوال بعد ذلك أن هناك ظاهرة واضحة تطالع النقاد في شعر فدوى: وليست تلك