(نعرف الإيقاع؟! فهو عبارة عن رجوع ظاهرة صوتية ما على مسافات زمنية متساوية أو متجاوبة)
فمن تعريف مندور يتراءى لنا أن الإيقاع لا علاقة له بنظام الشطرين. لا علاقة له مطلقاً، هذا وليس هناك إيقاع (غير متجانس)(فأنت - والكلام لمندور - إذا نقرت ثلاث نقرات، ثم نقرت رابعة أقوى من الثلاثة السابقة، وكررت عملك هذا، تولد الإيقاع من رجوع النقرة القوية بعد كل ثلاث نقرات)
ومن هذا التبسيط الأخير يلتزم وجود الإيقاع المتجانس (وكل إيقاع متجانس) في الشعر الجديد كما في الشعر القديم
وما دام النقد هو فن دراسة النصوص - كما يقولون - فلم يعد بالإمكان الرضوخ والقنوع بمثل قول الأستاذ (فوجدوا هنا نظما. . .) إذ أصبح من اللازم أن يقوم الناقد - بوضع خطوط سوداء -! تحت استنباطاته كأن يبين أثر هذا اللفظ، أو ذاك، وأثر هذه التفعيلة أو تلك، أما أن يرسل (تذوقه) إرسالا مطلقاً، فهذا ما لا نقره عليه
ثم تابع الأستاذ
(والحقيقة أن القارئ يسير مع الشاعرة في هذه القصائد وأمثالها (!) لاهثاً من التعب. . . فهناك بين طويل، وآخر قد لا يريد على لفظة واحدة)
ماذا نقول للأستاذ! أيصح لدينا أن ننبذ هذا اللون من الشعر لمجرد أن هناك بيتاً طويلاً. وآخر قد لا يزيد على لفظة واحدة، أم يتحتم علينا - كنقاد - أن نقف باستغراق وعمق إزاء هذا الإنتاج، وكل إنتاج، فنتساءل - مادام الشاعر قد ارتضاه - عن مدى ما فيه من طاقة، ونستقرئه استقراء دقيقاً شامخاً، ونحلله تحليلا جزئيا، ومن بعد نصدر حكمنا القاطع عليه
لا عليك - يا أستاذنا - من الرتابة التقليدية، فإنها أصبحت لا تثير ولا توحي، عليك أن تنظر إلى المعنى! فإذا كان القصر أو الطول مما يقتضيه المعنى ليستثير الخيال والعاطفة، رحب به، وأفسح له صدرك
هل يجوز لنا أن ننتقد - رساماً لا لشيء إلا لأنه يستعمل لوناً واحداً أو لونين في صورته - راجع المدرسة الثانوية في الرسم - (الأديب ت ٤٨٠١)