في عام ١٩٥١ بسبب تأخر بعض الدول عن الإجابة على الأسئلة التي وجهتها اللجنة إليها عن مدى انطباق التشريعات المعمول بها في تلك الدول على مبادئ حقوق الإنسان. ثم عادت اللجنة فعقدت دورة أخرى هذه السنة في المقر الدائم لهيئة الأمم هنا في نيويورك استغرقت تسعة أسابيع من ١٤ إبريل إلى ١٣ يونيو وترأس هذه الدورة الدكتور شارل مالك رئيس الوفد اللبناني الدائم لدى هيئة الأمم. وقد سبق للمسز روزفلت عقيلة رئيس الجمهورية الأمريكية الأسبق أن ترأست عددا من الدورات السابقة.
وفي خلال هذه السنوات التي انقضت على تألف لجنة حقوق الإنسان في عام ١٩٤٧ ألم بالعلاقات الدولية من التوتر ما أتاح لجنون السياسة وشذوذها أن ينافس الاتزان والمثالية التي كان المفروض في اللجنة وأعضائها أن يهتدوا بها في اجتهادهم لصياغتهم لميثاق حقوق الإنسان كمعاهدة عالمية تتقيد بها الدول مترفعة عن المؤثرات والأهواء والنزعات السياسية ومتقيدة بالمثل الفكرية والوعي الثقافي واليقظة العاطفية التي تسود المجتمع المعاصر في عالم مرت به في الأزمنة الحديثة ألوان من التطور والتجارب ما أرهق احساسات الفرد وأذكى وعيه وفرض على الدولة نهجا في السلوك واجب في تهاد التشريع يتناسب مع يقظة هذا الشعور وشدة هذا الوعي.
ولذلك فقد سيطرت على جو اجتماعات لجنة حقوق الإنسان في دورتها الأخيرة اعتبارات سياسية زادت من شدة التباين بين الثقافات والنظم التي يمثلها أعضاء اللجنة.
فأصر المندوبون الروس وزملاؤهم من الدول التي تؤمن بالناظم الماركسي على ضرورة توكيد الحقوق الاقتصادية للفرد في الميثاق الدولي الذي تشغل به اللجنة توكيدا مفضلا على التوكيدات الأخرى؛ لأن العنصر الاقتصادي في رأيهم هو المهيمن على سلوك الفرد إزاء الدولة والمجتمع؛ وعلى اجتهاد الدولة والمجتمع في مجاراة هذا السلوك، ولم يأخذ المندوبون الأمريكان وحلفاؤهم - وهم كثرة بين أعضاء الأمم المتحدة - بهذا التفسير الماركسي، وأخذوا يشرحون - في كلام كثير وفي مقترحات عديدة وتعديلات متلاحقة - بأن الديمقراطية الحقة كما يفهمها الأمريكان ويمارسونها في أنظمتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية هي الضمان الوحيد لحقوق الإنسان وتنظيم علاقاته مع الدولة ومع إخوانه في الإنسانية. ومن ثم كان المنطق الأمريكي في النقاش وفي المقترحات والتعديلات التي