من تباين في مجتمعاتهم والآسيوية والإفريقية اللاتينية وبين المجتمعات الأوربية والأمريكية في مدى التطور وفي مستوى الوعي وفي معاول الاجتهاد للحاق بهم في ميدان المساواة الدولية.
والدول كالأفراد فاقدة الحول بمفردها ولكنها شديدة البأس في تكتلها وتكافلها، وهكذا كان حال مندوبي الدول الصغرى في لجنة حقوق الإنسان، فقد فرضوا بفضل تآزرهم على الروس والأمريكان وجهة نظرهم، فلم يجد هؤلاء مفرا من أن يلاقوا رغبات الدول الصغرى. فاستنبطت العقلية الأنجلو سكسونية ما اعتقدت أنه حل وسط. وتقدم الوفد الأمريكي وحلفاؤه باقتراح يطلب من اللجنة أن تحصر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ميثاق؛ وإن تجمع الحقوق السياسية والمدنية في ميثاق ثان، ويترك للدول الخيار في قبول أي من الميثاقين أو قبولهما معا.
ورفضت أكثرية الدول الآسيوية واللاتينية قبول هذا الاقتراح الأمريكي؛ وقالت بأن الهدف من صياغة حقوق الإنسان في ميثاق عالمي توقعه جميع الدول هو ضمان الحريات الكاملة للفرد. فلا معنى لأن نفصل بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبين الحقوق السياسية والمدنية، فكلاهما متمم للآخر. فالخيار في مثل هذه الحالة يقضي على المبدأ الذي تستند إليه اللجنة وهو مبدأ الإجماع. فكما أن السيادة جزء لا يتجزأ فإن الحرية كذلك لا تتجزأ.
ورفض الوفد الروسي هذا الاقتراح الأمريكي وأخذ بوجهة نظر أكثرية الوفود الآسيوية واللاتينية لا لأنهم يشاركونه في الرأي - فالحقوق السياسية في روسيا نفسها مفصولة عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية - ولكن الوفود الشيوعية في الأمم المتحدة تعارض كل اقتراح أو فكرة يطرحها الأمريكان على بساط البحث في الأمم المتحدة مهما كان صائبا. وهذا الحال ينطبق كذلك على موقف الأمريكان من اقتراحات الروس وحلفائهم.
واستطاع الوفد الأمريكي أن يضمن الفوز لاقتراحه بوضع ميثاقين لحقوق الإنسان بدلا من ميثاق واحد. وجدير بالذكر أن الهند قد خرجت عن الوفود الآسيوية الأخرى في معارضة الاقتراح الأمريكي، وشاء بعض الخبثاء في هيئة الأمم أن يفسروا تراجع الهنود على ضوء المباحثات المالية التي كانت تقوم بها الهند مع أمريكا آنئذ والتي أدت فيما بعد إلى منح