للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفورلاند يعلم عن عمه أنه ما كان يرسل إليه فلسا واحداً، إذا درى بموقفه الدقيق الحرج؛ إنه - أي عمه - يكره أن يرى أحد أفراد الأسرة يتلوث بهذا العار، ويتمرغ في هذا الرجس. وتقطب جبينه وهو يفكر. . حسنا!. . سيعيد المال المسروق فتبقى له بعدئذ أربعمائة جنيه أو تقل، ولن يكون هناك ما يشينه ويعيبه أمام عمه أو يحط من قدره. بيد أنه أن كوحش حبيس؛ وزأر كأسد جريح، حينما تذكر الخطاب الذي أرسله الكولونيل بعنوان بيته في (إيست كوست). . . لا مرية أنه سيتسلمه في الصباح الباكر.

وهب واقفاً في ذعر. . ما الذي بحق الشيطان جعله يتسرع ويرسل الكتاب؟ أما كان لأولى به أن يتريث إلى الصباح؟ إنه لا يسعه الآن أن يتلافى الأمر أو يتفادى الكارثة. . ولا يمكنه أن يعيد المال؛ ويزعم أنها مزحة من مزحة، أو مهزلة أراد بها التسلية واستطلاع ما قد يحدث. فقد يرتاب الكولونيل في الأمر، ويجرد الخزانة بعين أخرى. . منتبهة متيقظة. ويميط اللثام عن التلاعب الذي أحدثه بالمال منذ سنتين.

وألقى فورلاند المسدس في درج المكتب. ووضع المال في حرز حريز. ثم تناول قبعته وغادر مثواه إلى صندوق البريد.

يا للحظ التعس. ويا للأمل الخائب!! لقد أفرغت الرسائل التي في الصندوق منذ عشر دقائق فحسب.

وتراءت له أشباح السجن والفضيحة والعار. فجن جنونه. إن مصيره الآن في يدي رجل، ولو أنه طيب القلب إلا أنه لا يلين ولا يرحم في مثل تلك الأمور. ثم إنه عمه جيمس لا يتردد في ازدرائه ولفظه والتبرئ منه إذا بلغه خبر جريمته الشنعاء وإثمه الكبير الزرى.

وأبصر مكتب البريد يجثم في نهاية الطريق فهرول إليه. وألفاهم هناك في عجلة من أمرهم وهم يفرزون الرسائل.

وارتدى فورلاند ثوب الهدوء وثبات الجنان وهو يدلي إليهم بأنه أرسل بمحض الخطأ والتسرع خطاباً يود استرداده. ثم وصف لهم الظرف.

فأجاب أحد العمال في رقة مشوبة بحزم أن إعادة أية رسالة إلى صاحبها ضرب من المستحيل وأفهمه أن مصلحة البريد تعد نفسها مسئولة عن الرسائل حتى تصل إلى المرسلة إليهم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>