للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يزيد من شهوتيهما فقرر أن يتركا الحديث؛ فلما طال بهما الصمت تذكر أحدهما الوقائع الرسمية فتناولها ليقرأ فيها لصاحبه. ولكن انتهت الفقرة الأولى - وهي خبر وليمة رسمية - إلى ذكر أنواع الطعام، فأخذ الآخر منه الجريدة ليقرأ خبراً آخر. وأخذ يقرأ، ولكن الخبر - وهو استكشاف جديد - قد انتهى بإقامة حفلة تكريم، وتناول أيضاً ذكر الطعام.

ودفع بالجريدة إلى صاحبه فقرأ فيها فقرة لا تتعلق بدايتها بالطعام، ولكنها انتهت إلى ذكره أيضا. فأطرق كلا الرجلين وتثاءبا تثاؤبا مؤلما.

ثم برقت عينا صاحب السعادة إذ خطر بباله خاطر سعيد ووقف فجأة ليعلن استكشافه وصاح: (ماذا تقول؟ لقد عرفت السبيل إلى النجاة، فماذا تقول إذا أتينا بخادم؟).

فصاح الآخر: (وكيف نأتي بخادم يا صحاب السعادة وأي صنف من الخدم تجده هنا؟)

فقال: (خادم بسيط كسائر الخدم يستطيع أن يعد لنا الطعام وإن يصيد أسماني والسمك ويطبخهما)

قال: (هذا حسن ولكن كيف نجده؟) فقال: (لماذا إن الخدم موجودون في كل مكان. إننا نقوم فنبحث حتى نجد واحداً منهم. ولابد أن يكون هنا خادم على الأقل)

اطمأن الموظفان إلى هذه الفكر. وقام كل منهما ليبحث عن خادم، وطالت مدة بحثهما، ولكنها لم تذهب سدى، فقد وجدا في النهاية رجلا أسود اللحية على جسمه ثوب من جلد الماعز وهو نائم تحت شجرة كبيرة، فلكزه صاحب السعادة وصاح: (كيف تنام هنا ونحن موظفان نكاد نموت من الجوع قم!)

فنهض الخادم ونظر إلى الموظفين وكان أول ما هم به أن يفر ولكنهما أمسكا بتلابيبه فاستسلم المسكين للقدر المقدر عليه، وصدع بالأمر وتسلق شجرة تفاح فجمع للسيدين الجديدين خير ما فيها، وقطف تفاحة نشوك على الفساد فجلعها لنفسه. ثم نزل عن الشجرة، فجمع مقدارا من البطاطس وأوقد النار بضربة حجرين في وسط هشيم وطبخ البطاطس؛ وفي أثناء ذلك صاد أرنبا فأضافها إلى الطعام، وصاد كذلك زوجا من السماني؛ فأدرك الموظفان مقدار ما لقياه منت السعادة بقرب هذا الخادم. ونسيا أنهما كادا يموتان من الجوع منذ قليل. وقال كل منهما للآخر (ما أسعد حياة الموظف!).

وقال لهما الخادم: (هل أنتما مسروران؟) فقالا: (نعم ونحن نقدر خدماتك).

<<  <  ج:
ص:  >  >>