وإذا أدركت بان بين المواطنين طائفة مخلصة واعية تثر في قرارة النفس على أن التنمية الاقتصادية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية يجب أن تنال مكان الصدارة بين أهداف الحركة فمن الخير لإيديولوجية الحركة أن تولي ذلك عناية خاصة.
وإذا تحقق للحركة والمسؤولين فيها أن الحاجة ماسة لتعزيز الدفاع العسكري على أقصى حد مستطاع فما عليها إلا أن تلبي هذه الحاجة - فهي كحركة شعبية صلتها وصلة قادتها بالشعب صلة الأغصان بالجذوع كفيلة بأن تضمن حماس الأمة وتضحياتها في سبيل المناعة العسكرية، وجعل ذلك مبدأ أساسيا من مبادئ الأيديولوجية الجديدة.
وهناك طبعا سيل لا حد له من آراء الناس في أوجه الإصلاح وأيها أولى بالعناية من سواه.
والمهم عند تقرير الأيديولوجية أن توازن الحركة في مبلغ الحماس الشعبي الصادق لأوجه الإصلاح ومبلغ شعور الشعب وتقدير لأخطار (القضايا) والمشاكل التي تتحدى سلامة الكيان القومي. فليس المطلوب من الحركات الاجتماعية أن تتقيد بمعالجة قضية واحدة. فالعوامل التي توفر للحركة النجاح والاستقرار عديدة، وكثرتها تتوقف على كثرة الأخطار الناتجة عن هذه القضايا والمشاكل. ولذلك فلا نفر للأيديولوجية أن تتضمن أكبر عدد ممكن من البرامج والأهداف التي تكفل التغلب على هذه الأخطار.
والدراسة الاجتماعية للحركات الإصلاحية تثبت صواب الرأي في اتخاذ قضية أو أكثر من قضايا الأمة كعنوان للأيديولوجية الجديدة، إلا أن هذه الدراسة تؤكد كذلك أهمية إدراك الشعب للأخطار التي سببت له المحن والمساوئ في العهد أو العهود التي استبدلتها الحركة الجديدة.
فالحركة الشعبية الناجحة تولد عادة في جو اجتماعي اعتاد السماع لدعوات الإصلاح من دعاة أساءوا فهم المشاكل الرئيسية العميقة التي تواجه الأمة، ولذلك تفشل هذه الدعوات في كسب ولاء السواد الأعظم من المواطنين. فولاء السواد الأعظم وإخلاصه في مؤازرة الحركات الجديدة هو ميزان الاستقرار والنجاح، وعلى ذلك فإن الخطأ الذي ترتكبه معظم الأحزاب السياسية (وهي تقليد مشوه للحركات الاجتماعية) هو تصويرها القضايا القومية