للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على نحو لا يستند إلى فهم أمين لضمير الشعب، وإنما هو فهم مشوه اقتبسه قادة الحزب من شعورهم الخاص وهو شهور تتضارب فيه المصالح الذاتية - شعور يتزلف في اغلب الحالات إلى أوساط ليست من صميم الشعب وليست عنوانا على شعوره ويقظته ومصالحه، أوساط تنتمي إلى هذه الفئات الطفيلية التي تعيش على الشعب لا معه.

والشعب - أو بالأحرى الجزء الهام منه - يتحفظ في إعلان الولاء وبذل التضحية للحركات الناشئة إذا توفرت له عوامل نفسية معينة سجلها علم النفس الاجتماعي في دراسات لنفسية الجماهير وعقليتها، وطبيعة الزعامة الصالحة ومقوماتها، وإلى الأخطار والتجارب التي مرت بها الأمم في نشاطها الاجتماعي، كما أشرنا إلى ذلك في صلب هذا المقال.

وبعض هذه العوامل غامض يحمل أكثر من تفسير واحد، والبعض الآخر محدود الصفات واضح المعالم إدراكه سهل ميسور.

على كل دعنا نسترض فيما يلي بعض هذه العوامل ما دمنا في حديث الاجتماع وعلمه ولو كان ذلك على حساب أدب المقال في غير مجلات الاختصاص.

أ - يجب أن تكون القضايا التي تولت الحركة معالجتها شديدة الصلة بالمصلحة الشعبية العامة وبالمصلحة الخاصة لأكبر عدد ممكن من المواطنين.

ب - للحركة الاجتماعية الناشئة أن بمعالجة القضايا التي بها مكان الصدارة في شعور الناس ويقظتهم العاطفية والفكرية وحين يقتضي الوضع تفضيل قضية على أخرى فللحركة أن تعالج قضية واحدة معالجة عامة شاملة وتبدأ في نفس الوقت بمعالجة القضية أو القضية التي تليها في الأهمية معالجة جزئية - على ألا يكون لهذا التوزيع هدف غير الموازنة العادلة بين أهمية القضايا في تفكير الناس وفي مبلغ صلتها بالصالح العام وبمستقبل الحركة وأيديولوجيتها وأثر ذلك كله على الكيان القومي ومصلحته الجوهرية.

جـ - يؤكد علم الاجتماع أن استقرار الحركة الاجتماعية الناشئة لا يتوطد إلا إذا كانت أيديولوجيتها حاوية لقيم وأهداف تمس المنفعة الشخصية للكثرة - الغالبة - من أفراد الشعب. والمنفعة الشخصية شيء والشعور الشعبي المشترك شيء آخر، وإن كان كلاهما يعزز الآخر. فالأهداف الوطنية مثلا شعور شعبي مشترك، أما العدالة الاقتصادية والمساواة

<<  <  ج:
ص:  >  >>