إرادته على وزرائه. وإلا عمل إعفائهم من الحكم (وبينما كانت الطبقة المثقفة ترتقب إعلان الدستور على يد الخديوي توفيق؛ إذا بهم يرون شريف باشا يستقبل لمعارضة الخديوي يؤلف وزارة برياسته، مما ينم عن ميوله الاستبدادية، ثم يكلف رياض باشا تأليف وزارة من مبادئها الأساسية حكم البلاد حكما مطلقا، وحرمانها أي نظام دستوري. . حتى مجلس شورى النواب القديم على ما كان عليه من ضعف السلطة، فقد ظل معطلا سنتين، طوال عهد وزارة رياض باشا).
وقد كانت الصحافة تلاقي العنت والمشقة. ولا تزال تذكر قانون تقييد الصحافة الذي أطل برأسه من مدة، غير أن الصحف ومن ورائها أبناء الأمة، تنادوا حتى وأدوا هذا القانون الرجعي في مهده. والرقيب لا زال صرير قلمه يدوي في آذاننا إلى وقت قريب. وفي عهد توفيق استهدفت الصحف المعارضة للاضطهاد في عهد وزارته، ثم في عهد وزارة رياض، واستخدمت الحكومة اللائحة القديمة المسماة لائحة المطبوعات لإنذار الصحف أو تعطيلها. وقد عطلت الحكومة في عهد وزارة توفيق جريدة (مرآة الشرق) مرة لمدة شهر ومرة لمدة خمسة أشهر، وأنذرت جريدة (التجارة). وفي عهد وزارة رياض أنذرت الحكومة جريدتي (مصر) و (التجارة)، وأنذرت جريدة (مصر الفتاة)، وأنذرت جريدة (الإسكندرية) ثم عطلتها شهرا، وعطلت جريدة (المحروسة) لمدة خمسة عشر يوما، ومنعت جرائد (النحلة) و (أبو نضارة) و (أبو صفارة) و (القاهرة) و (الشرق) من دخول القطر المصري.
ولم يكن حظ المخلصين والوطنيين في عهدنا هذا بأحسن منه في عهد توفيق، فإنهم قد أوذوا في كلا العهدين، ونابهم رزء شديد وتجن بالغ، لا لشيء إلا لأنهم يخلصون لوطنهم ويعملون لإخوانهم أبناء الشعب، فكان جزاؤهم الإقصاء والحرمان، وتقديم العملاء والأصهار والمحاسيب والمرتشين، وبذلك تتعطل مصالح العامة، ولا يتقدم إلا كل خب مخادع مستغل، لا يخدم وطنه، وأن كان على استعداد لأن يتمرغ تحت أقدام وسادته وأولياء أمره، الذين لا يختلفون عنه في أنانيته واستغلاله ونكوصه عن قواعد الشرف والمروءة. وقد أرغم الخديوي توفيق محمود سامي البارودي على تقديم استقالته من وزارة الحربية لمشايعة العرابيين ولأسباب أخرى، وعين صهره داود باشا الدرة مللي محافظ القاهرة، لما كان معروفا عنه من مشايعة حركة عرابي، وتعيين عبد القادر باشا حلمي