وكان عقد التحكيم مدته من رمضان إلى رمضان وكتب في يوم الأربعاء ١٣ صفر سنة ٣٧ وأخذ الحكمان من علي ومعاوية ومن الجند المواثيق واتفقا على تأجيل القضاء إلى رمضان وإن أحبا أن يؤخرا ذلك أخراه على أن يوافي علي ومعاوية موضع الحكمين بدومة الجندل في رمضان فإن لم يجتمعا لذلك اجتمعا في بلدة أذرح المبينة على الخريطة شمال غرندل وتربان.
وبعث علي للميعاد بأربعمائة رجل ولم يحضر علي، وبعث معاوية بأربعمائة رجل ثم جاء معاوية واجتمعوا في أذرح والتقى الحكمان.
كل هذا يقتضي بأن الاختيار وقع أولا على دومة الجندل التي الجوف لتوسطها بين الطرفين ولكي يحضر المتخاصمان أمام الحكمين؛ ولكن معاوية الحريص على ملكه وحياته اختار الشق الثاني وجعل بلدة أذرع المكان المختار وقد يكون احتج بأنها قائمة بأرض دومة الجندل لأن هذه المنطقة كانت تسمى بأرض أدوم أو دومة من القدم. . . فقد جاء في قاموس الكتاب المقدس ص ٤٥١ أن دومة التي بها أذرح محرفة عن أدوم، وأنها البلاد التي يسكنها نسل دومة هو أدوم بن إسماعيل أو سادس أولاده (نك ٢٥: ١٤) وأنهم سكنوا في صحراء سورا على بعد ١٥٠ أو ٢٠٠ ميل من دمشق حيث توجد قطعة أرض تعرف باسم دومة الحجرية أو دومة السورية.
وفي كتاب الإمامة والسياسة ج ١ صفحة ١٣٦ ما يشير إلى كتاب بين علي ومعاوية اتفقا فيه على أن يرجع أهل العراق إلى العراق وأهل الشام إلى الشام ويكون الاجتماع إلى دومة الجندل (وأظن أنهما يقصدان دومة الجندل بالجوف) فإن رضيا أن يجتمعا بغيرها فلهما ذلك. . . ثم ذكر في صفحة ١٣٨ أن أبا موسى وعمراً لما اجتمعا بدومة الجندل كان عقد التحكيم هدنة من رمضان إلى رمضان.
وإذا رجعنا إلى اسم أدوم وجدنا أن معناه في قاموس الكتاب المقدس أحمر وهو لقب عيسو بن أسحق أخذ بلون العدس يوم باع بكوريته إلى أخيه يعقوب وأخذ الأرض الواقعة جنوبي (حبرون) مدينة الخليل إلى جنوب البحر الميت ثم تخوم أرض موآب ثم اتسعت البقعة فشملت الأراضي الواقعة بين برية (سين) وغربيها إلى البلاد العرب الواقعة شرقيها أي شملت منطقة أذرح وما حولها. التي اشتهرت بجودة هوائها، وخصب أراضيها ومناعة