ليته يستطيع أن يطرح عن نفسه ذلك كله ليرجع إليهم وادعاً هادئا رقيقا. . . وشغلته الفكرة وتصرمت أيام.
ووافته الزوجة وهي تقول:(ما كنت لأجرؤ على المجيء ولكن. . . أنت مريض. . . أنت مريض حقا) ثم راحت تبكي في صمت.
وكان هذا الصراع النفساني قد أنهك الرجل فهو ذابل ذاو شاحب اللون، مضطرب لا يكاد يستقر، غير أنه قال في لطف (علام تبكين؟ هل الأسرة بخير؟) قالت: (أنت. أنت. . يجب أن تعود إلينا) قال: (نعم يجب أن أعود. . . أعود إكراما لإيلينا، يجب. . ولكني أجد الراحة واللذة هنا، وعندي هنا ما يشغلني. . . يجب. . . لأن إيلينا سأكتب إليها)
وكتب:
ابنتي العزيزة؛ أنا أوافق على زواجك من السنيور سالفيتي، لك تمنياتي الطيبة وحبي الطاهر.
(أبوك)
وناول الزوجة الورقة وهو يقول:(أفي هذا ما يكفي؟)
قالت:(كفى. . ولكن بيترو، ماذا وراء الباقي؟ الجهاز. الناس. الزفاف. . . لا يمكن أن ترفض!)
وتغاضى الرجل عن حديثها حينا ثم نظر إليها وهو يقول:(إن القطار يتحرك في الثالثة تماما)
(وأنت. . .؟)
(سأرافقك إلى المحطة)
وانطلقا جنبا إلى جنب وذارعا في ذراع والزوجة تقول:(تعال معي يا بيترو، تعال إلى دارنا تعال! لا تبذر فينا غارس الشقاء بفراقك!)
فقال الرجل في هدوء:(سأظل هنا ما بقي لي من العمر لأنكم تشقون بي، سأعيش هنا)
- (وحيدا!)
(نعم، هنا، إنني أريدكم هانئين سعداء)
- (وكيف. . كيف نكون سعداء وأنت هنا ونحن هناك يتامى وأرملة؟)