بغير المهاترات السياسية السخيفة التي لا طائل تحتها، والتي كانت السبب في موت الأدب وخنق قابليات الأدباء والشعراء
ومنذ سنة ١٩٤٦ اتجه السودانيون نحو السياسة وخلفوا الأدب وراءهم غير مهتمين بكل ما يمت إلى الفن بصلة
فالخطب السياسية والقصائد الحماسية هي اليوم تدور على ألسنة الناس، وهي التي تمتلئ بها أعمدة الصحف، وإنها لو جمعت في كتاب واحد لكانت تعطي فكرة عن الأدب السياسي السوداني الآن
ولكن رغم انحراف الناس وراء السياسة، وحبهم للجدل السياسي، لا يزال بعض الشباب المتوثب يولي الفن الصادق والأدب الرفيع أهمية بالغة، وكما أنه لا يخلو كل قطر من بعض الشعراء الأفذاذ، وسنعرض لهم بالتفصيل في مقال قادم إن شاء الله
ماذا ينقص السودان
بكل ألم وأمل نلاحظ أن السودان لا يزال متأخراً عن القافلة الأدبية العربية، بل في حاجة إلى كتاب ثائرين يجمعون بين قوة الفكرة واتساقها إلى جمال الأسلوب وقيمته، كتاب ينقطعون للدراسات الأدبية والتأليف، ويخرجون من الكتب ما يحمل طابع بلادهم الأصيل
كما يراد من أدباء السودان أن يطرقوا باب الثقافة الشعبية عن طريق المحاضرات والمدارس الأدبية التي تعلم العلوم العقلية، والتي تربط بين طبقات الشعب عن طريق حياة جماعية مشتركة، والتي تنمي في نفوس أبناء الأمة روحاً من المساواة الاجتماعية، وتمنحهم إلهاماً ومثلاً إنسانياً رفيعاً يؤدي إلى تطور اجتماعي لا يقوم على نضال اقتصادي بين الطبقات، تثيره الأطماع المادية وروح الشر والقسوة والجدب الروحي
الشعر السوداني
من الإنصاف للواجب والإثبات للحقائق أن نقف لحظة نتناول فيها الشعر السوداني بكلمة. وهي أن الباحث الذي يقرأ كتاب (شعراء السودان)، الذي جمعه الكاتب المصري سعد ميخائيل منذ سنوات، يلاحظ أن الشعراء المذكورين في ذلك الكتاب لا ذكر لهم الآن، ولذلك عدة أسباب: فمنهم من مات، ومنهم من انغمر في الحياة فهجر الشعر، ومنهم من حطمته