العظمة في هذه الحياة. كم من الأسباب الوجيهة وكم من المغريات البريئة تجتذب حي استطلاعنا إلى مثل هؤلاء الأشخاص الأفذاذ. سنحاول التعرف عليهم ورؤيتهم عيانا كما نرى أنفسنا، فكل ملاحظة وكل إشارة تخصهم تهمنا بالغ الأهمية. . . والنفوس العظيمة التي مضت لحال سبيلهم لم يبق منها صور مجردة، أما مميزاتها الخارجية، لا. . بل وحتى الداخلية - في بعض الأحوال - والتي كانت تتصف بها فقد ذهبت إلى العالم الثاني هي الأخرى، ولم يبق إلا أن نعتمد على التاريخ في تصوير بعد الذكريات البسيطة التي لها أقل علاقة بها ومع ذلك فهذا التاريخ - على ما فيه من نواقص وعيوب - هو الكنانة التي احتفظت ببعض الذكريات والتي لو لاها لأضحت في خبر مكان. إن الرسائل المتبادلة بين شلر وجوته تمتاز بميزة ثمينة للغاية وهذه الميزة هي الحقيقة بالذات، وهي تتجلى في كل الظروف والأحوال، سواء كان ذلك من جهة أصالة الحقيقة الواقعة أو الرأي الخاص بهذه الحقيقة، أما الإخلاص فبين بكل وضوح في مثل هذه الأسلوب، واللطف الطبيعي لا يمكن أن يعرقل حق حرية الكلام أو الفكرة في مثل هذه الأحوال، ولم تكن الغايات إلا غايات شريفة. وكان الإخلاص المتبادل بين الطرفين من الوضوح لدرجة أنه كان يتعذر على أي ستار مهما بلغ سمكه على إخفائه، وعلى هذا فكلا الصورتين الذاتيتين تشبه الحقيقة الأصلية وتماثلها أحسن المماثلة. وقد يرغب بعض القراء أن يرى مزيجا مما يمكن أن ندعوه بالشؤون المنزلية مختلطاً بالآمال والمخاوف والمشاعر التي كانت تساور الشاعرين العظيمين، لما للأول من علاقة متينة بالحياة الإنسانية الاعتيادية، ولكن بالرغم من بحثنا المرهق الطويل لم نعثر على شيء من ذلك، مع علمنا الأكيد أن هذا النقص نادراً ما يحدث في المراسلات الحديثة، وعلى هذا فإنه يتبق لدينا في هذا الخضم الواسع في الخير والشر والحالة المعاشية والعاطفية كالفقر والغنى والفرح والحزن، قلنا لم يتبق لدينا إلا النزر اليسير وإلا ما شح وقل، ولعل رغبة القراء الذين يعيشون في بلاد هذين الشاعرين في ذلك أقل لأنهم؛ على اتصال بالحياة اليومية التي واكبت حياة الشاعرين، مع اختلاف في الزمن وبعض العادات التي تغيرت تبعاً للتطور بخلاف الأجانب الذين يرغبون رغبة ملحة في استطلاع شؤون البلد الذي ترعرع فيه الكاتب والشاعر والأديب، وهذا جلي وواضح، وعلى أي حال يجب ألا ننسى أن شلر وجته أديبان، وأن حياتهما الاجتماعية ما هي إلا