الأشخاص الذين لا يعرفون الألمانية فعندنا لهم تراجم كثيرة ومتعددة، ولو أن هذه التراجم تفقد كثيراً من رونق الأصل، إلا أن ذلك لا يمكن أن يكون سدا حائلا بينهم وبين التمتع بأشعة نور الشمس الأصلية. وهذه التراجم ستوقظ الحب في القلوب الحساسة والنفوس المرهفة مما سيدفعها حتماً على الإدراك المباشر. . .
وأهم جزء من واجبنا الآن هو الدفاع عن شلر وتوكيد قيمته ووضعه في المكانة اللائقة به. إن التعريف بكتاباته مستمر بسرعة وبالطريقة الصائبة التي يمكن إحرازها بالدراسة القريبة للقلب وبالمحبة التي تعمر قلوب الذين أوتوا الفهم النزيه وروح التطلع التي لا تني تبحث وتفكر وتعمل على الحصول على أعلى درجات الكمال. أضف إلى ذلك أن مؤلفات شلر لا تحتاج إلى أقل الشروح، فهي تشرح نفسها بنفسها كما ذكرنا سابقاً. فقيمة مثل هذا النوع من العظمة وشاعرية من هذا الطراز تظهران سافرتين مكشوفتين، فكتاباته لا يمكن أن يصل إلى مستواها أحد لما تمتاز به من صراحة قل أمثالها وعزت على منال الكثيرين
وما من شك أن واجب النقد يقتضينا أن نوفي حق مثل هذا الشاعر الذي فسر مداهمات المجهول. وكل شاعر يجد نفسه مولوداً في محيط تافه، وعليه أن يجادل ويناضل للتخلص من قيود صغار العالم الواقعي إلى حرية العالم المثالي اللامحدود. . وتأريخ مثل هذا النضال يعتبر في الوقت ذاته تأريخ حياته نفسها، ومن هذا يمكننا أن نستمد عبراً ذات أهمية كبرى. ولم يجز سعيه الشاق هذا - على سموه - أي جزاء اللهم إلا إذا اعتبرنا الجزاء ذاتيا. ولكن قانون وجوده بحد ذاته، اضطره إلى قبول مثل هذه العمل الشاق والاستمرار في أدائه وتحمل أعبائه، وإلا كان البديل لذلك التعاسة بعينها، وقد تخلق التعاسة نفسها مواهب وكفايات، وكثيراً ما كان الأمر كذلك في معظم الأشخاص الذين ابتلوا بهذه التعاسة. . .
أما اضطراب شبابه فهو (اضطراب العبقرية) التي كانت تظهر أحياناً وكأنها سجية جامحة. . وكأنها تكهن بالرسالة الخفية القوية التي أرادته لها السماء، لكي يطهر نفسه من أدران الحياة ويستعد لما أريد له من واجب مقدس وأمر عظيم، هذا الأمر الذي يندر من ينفذه أو حتى يلتفت إليه، أما ما يخص المتحذلقين ومن لف لفهم فأمر عبث لا طائل تحته. . وأما أصوات ضجيجهم وعجيجهم فتذهب مع الساعة التي يقضون فيها. . وطبيعي ألا