المسرح، وقد نادى المصلحون من قبل بعلاجها، وكان المسئولون السابقون يصمون آذانهم عن هذا النداء متذرعين بالجبن، خشية أن يثير الإصلاح جيوش التزمت من رجال الدين وأدعياء الدفاع عن الإسلام - أما الآن فلا نظن أن حكومة الثورة تخشى في سبيل الإصلاح ثورة تلك الجيوش الراكدة، وقد أخذت المشكلة طريقها إلى الجد لعلاجها، وهنك في وزارة الشؤون الاجتماعية دراسات بشأنها، نرجو أن تظهر في القريب العاجل ثمراتها، مما يحقق لمجتمعنا الإصلاح الذي ينشده كل وطني يبغي الخير لوطنه.
والمشغولون بهذه المشكلة طوائف ثلاث: طائفة مغالية تنادي بتقييد الطلاق تقييدا صريحا حاسما، والقضاء على تشريع التعدد قضاء مبرما، وهذه الطائفة مسرفة إسرافا يجعلنا لا نسلم مطلقة بمشروعها، ولا نطمئن إلى تفكيرها، إلا إذا رضينا المهانة لشريعتنا وحاشا أن نرضاها لها، فما جاءت به هذه الشريعة الغراء من تشريعات لابد أن يكون في جميعه مصلحة البشر، وإلا كان البعض حشوا لا جدوى من وجوده. . وطائفة ثانية تشاطر الأولى الغلو والإسراف، فهي تأبى إلا أن يظل الطلاق وتعدد الزوجات مباحين مطلقين، حتى ولو أساء الجهلة استغلالهما، فأصبح ضررهما أكثر من نفعهما، وأرسينا بناء المجتمع على قواعد مضطربة متراقصة، ونحن أيضاً لا نقر هذه الطائفة على تزمتها لأنها بتفكيرها تحكم على الإسلام الجمود، ويسيء إلى شريعته التي لم تكن إلا لصالح البشر. . أما الطائفة الثالثة فمعتدلة متزنة، ناضرة الفكر، تعمل على أن تحقق للإصلاح حسن ظنه بالإسلام، وتثبت للعالم أن الإسلام يقر الإصلاح لأنه هدفه، ويتطور معه لأنه دين حنيف، يسر لا عسر، ومرن سهل لا جمود فيه ولا تعقيد، وهذه ترى إزاء فوضى أشياع الطلاق والتعدد - ألا يقدم جاهل على الطلاق إذا لم يكن هناك باعث عليه، ولا على تعدد الزوجات إلا إذا كانت هناك حاجة ماسة إليه، وبذلك يمكن وضع حد لاستخفاف المستخفين بشرعة الله عز وجل.
إن الإسلام يعتبر كلا من الطلاق وتعدد الزوجات رخصة فحسب، يأخذ بها ويأتيها المضطر، كالرخصة للجائع بتناول المحرمات متى لم يجد سواها. وقد جاء في سورة البقرة:(إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير، وما أهل به لغير الله، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه، إن الله غفور رحيم) كما جاء في آية أخرى من سورة المائدة: