(حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، والمنخنقة والموقوذة. . . . فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم.) فإذا اضطر الإنسان إلى أن يفارق زوجه فارقها بالمعروف، وإذا كانت هناك حاجة ماسة تضطره إلى أن يعدد في الزواج عدد محققا العدالة بين أزواجه، والشرع لم يبح له الرخصة إلا ليخلصه من الحرج في حياته، ويضمن له العيش الهادئ المستقر.
والإسلام لم يجعل من الطلاق معولا لهدم كيان الأسرة، ولا سلاحا لتمزيق أواصر الزوجية، وهو الذي وضع للأسرة من التشريع ما يصون بناءها، وللزوجة ما يقوي رابطتها. وأنت إذا تدبرت بعض آيات القرآن الكريم وجدتها تقدس الرابطة الزوجية بوجه خاص، حين تشير إلى أن هناك امتزاجا بين الزوجين أزليا قديما منذ آدم وحواء. . وهذا الامتزاج سيحل بكل زوجين ليعتز كل منهما بالرابطة المقدسة التي ربطت بينهما، ويعمل على صونها من العبث الذي يطوح بها:(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها. .) - (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها. . .) - (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون.)
إذن فما كان الإسلام، وهذا شأنه - ليجعل من الطلاق معولا لهدم الأسرة، ولا سلاحا يشهره الجاهل والأحمق على رابطة الزوجية المقدسة كلما دفعه جهله وحمقه، ولكنه جعله أبغض الحلال إلى الله في قوله عليه الصلاة والسلام:(إن أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق) ونهى عنه إلا من ريبة تحوم حول الزوجة في قوله عليه السلام: (لا تطلقوا النساء من ريبة، فإن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات.) والإسلام ليحرص على بناء الزوجية وضع كثيرا من العراقيل في سبيل الطلاق الذي يفرق بين الزوجين، فقد جعل الطلاق مرتين ليوجد فرصة للصلح، ودعا إلى تأليف حكمين من أهله وأهلها حين يدب الخلاف ليعملا على الصلح بينهما
وكما أن الإسلام رخص بالطلاق لضرورة تقتضيها مصلحة أحد الزوجين، أو كليهما، كذلك رخص للزوج بتعدد الأزواج لحاجة تقتضيها مصلحته هو، أو مصلحة المجتمع الذي يعيش فيه، فإذا انتفت الحاجة في الحالين لم يكن ثمة لزوم للرخصة، وإذا أسيء استغلال