فالتربية أي السلوك الحسن والقبيح هي حظنا في الحياة من لطفاء أو ثقلاء، وناجحين أو حابطين. وفي الصغر يمكننا أن نربي مثلا ورح التعاون بتعويد الأولاد أن يلعبوا ويعملوا جماعات أو العكس بالعكس، أو أن نربي الخوف بزيادة الإرهاب والتعذيب، أو أن نربي الخمول والقناعة في التفكير والتفسير بانتهار الولد كلما سأل مستعلما، وبإعطائه تفسيرا سخيفاً يغلق في ذهنه باب الحشرية، والتطاول بدلا من إنعاش روح اشك والبحث والتحري بحسن التفسير والتشويق والمكافأة والتشجيع والمساعدة. وقس على ذلك تربية طابع الحسد والغيرة والنقمة، أو خلق عمل الواجب واحترام حقوق الجماعة وكلها أمور فعالة في مستقبل النشء ونجاحه أو إخفاقه.
والخلاصة أن صفاتنا من حسنة أو قبيحة ومعارفنا من عالية أو سافلة لم تولد معنا. وما يتبجح به المتمدن من ثقافة راقية على الهمجي والأمي لم يولد معه؛ بل اكتسبه في البيت والمدرسة والمجتمع.
وسأنتقل الآن بكم من الصغار إلى الكبار. فماذا يجب أن يعلم كل منكم عن إطالة العمر.
(١) الأمراض السارية
لا مفر من الموت. ولكن من الممكنات أن يعيش الإنسان مدة قرن متمتعا بصحة جسدية وعقلية ونفسانية لا بأس بها بقد كانت الأمراض السارية كالطاعون والجدري والكوليرا والسل في الماضي القريب من أكثر مسببات الوفيات. أما اليوم فقد تغلب عليها الطب تقريباً في كل العالم. فبعضها قد زال والبعض الآخر قد ضعف فتكه. كذلك قد زالت تقريباً أمراض الأطفال التي كانت تحصد الأرواح في السنين الأولى من العمر بفضل انتشار المعارف الصحية بين الشعب، وتقدم العلوم الطبية في الغذاء والدواء والوقاية.
والوقاية خير من العلاج. فالوقاية العمومية من واجبات الحكومات ومنها الحجر الصحي وتجفيف المستنقعات وتصفية مياه الشرب وتقنية المراحيض وتعقيم أو حرق فضلات المدينة فالوقاية العمومية أراحت الإنسان المتمدن من البرغش والذباب والهواء وغيرها من ناقلات المكروبات؛ وبفضلها تلاشت في العالم الملاريا والحمى الصفراء والكولرا والتيفوئيد.