عرضا أو بعامل الطبيعة نفسها - أن يظهر فيه عبقريته ويحرز أنبل انتصاراته بارزا بذلك أقرانه ومعاصريه جميعا.
وبعد نهاية عهد صباه بدأت فترة قاسية مريرة، اختلفت فيها تربيته وتطورت قابلياته تطورا خاصا، وذلك بتحمله للاضطهاد ومعاناته العزلة وبتحطيم أجل أيام حياته وتشويهها تشويها شنيعا. ومع ذلك فإنه استفاد في هذه الحالة فوائد جمة، فقد حولت سيمياء عبقريته المعادن التافهة إلى ذهب إبريز، واستخلصت من التألم قوة ومن الخطأ حكمة وضاءة من كل شيء أحسنه وأرقاه.
أسس دوق ورتمبرك مدرسة عالية حرة لبعض فروع التعليم المهني في (سولتيرد) في مركز إقامته في الريف، ثم حولها إلى (سنتغارد) بعد أن أدخل عليها بعض التحسينات، وقد سماها مدرسة كارلز. وقد رأى الدوق أن يعطي الأفضلية في الدخول إلى هذه المدرسة لأبناء الضباط، ولما كان لدى الدوق فكرة حسنة عن شلر وأبيه طلب من الأول اهتبال هذه الفرصة السانحة.
وقد صاف هذا العرض حيرة لأول وهلة من قبل الشاب والوالدين على السواء؛ لأن الأخيرين كانا راغبين في إدخال الشاب إلى حظيرة الكنيسة، ولما اطلع الدوق على رغبتهما الخاصة طلب منهما التأني قبل إعطاء القرار النهائي، وأخيرا قبل هذا الطلب بعد إحجام ونتيجة للخوف. وهكذا سجل شلر نفسه في هذه المدرسة سنة ١٧٧٣ وبذا انتقل من الحرية والآمال العريضة إلى اليونانية والعزلة والقانون.
وقد أثبتت الوقائع أحقية مخاوفه، فالسنوات الست التي قضاها في هذه المؤسسة تعتبر أشد السنين مضايقة لنفسه وإزعاجا لمواهبه، ويظهر أن نظام التربة في ستنغارد لم يعن مبدئيا بتربية الطبيعة البشرية وإصلاح أخطائها، بل عمل على استئصال هذه الطبيعة ووضع شيء أحسن منها في محلها. وقد كان نظام التعليم سائرا والحياة وفق خطة عسكرية شكلية جافة، كل شيء كان يجري حسب الخطة المرسومة ولم يكن ليعطي أي مجال لحرية الإدارة، ولا لإمكانية لاختلاف الطبائع والمشارب والعادات. وقد يكون لبعض الطلبة إمكانيات ممتازة، إلا أن هذه الإمكانيات كانت مجردة على السير وفق الخطة الأساسية والانصهار في البودقة ذاتها بدون تفريق أو تمييز، لأن الأوامر كانت تصدر من سلطة