ورد ذكره في الموسوعات الحافلة كالضوء اللامع أو النجوم الزاهرة أو حسن المحاضرة أو السلوك أو الشذرات أو التذكرة أو بدائع الزهور أو الدرر الكامنة فيخصه بترجمة موجزة مما كان سببا في إرهاق الأستاذ بلا مبرر، وقد خالفت المؤلف في هذا الرصد العجيب فقلت في مقالي السالف بمجلة الرسالة - العدد ٧٨٨ ما نصه:
(على أني أخالف الأستاذ في ناحية هامة تشيع في مؤلفه، فقد حرص كل الحرص، على أن يترجم لكل من ولي السلطنة أو ناب عنها، وكذلك من تحدث عنهم فيما بعد من القضاة والخلفاء، وفي هؤلاء جميعا من لا يستحق أن يكتب عنه سطر واحد، حيث كان فردا عاجيا لم يخلف أثر هاما أو تحدث في عهده من المفاجآت ما يدعو إلى الحديث عن زمن ولادته أو مدة حياته أو آونة وفاته، وإنما ولي وعزل، وكأنه لم يولد، يكيف نتعب أنفسنا في تراجم أصنام آدمية، قذف بها الزمن في قرار سحيق).
أقول، لقد سبق أن قلت ذلك على صفحات الرسالة، واعتقدت أن المؤلف الفاضل قد اقتنع برأي المتواضع، ولكن ظهور المجلدين الثالث والرابع، قد اثبت نقيض ذلك، حيث حشد الأستاذ فيهما تراجم عديدة لنكرات مهملة نقب عنها المؤلف في شتى الموسوعات! وحسبك أن المجلد الرابع قد ضاع ٩٠ % منه، في هذه التراجم العجيبة، حيث شغلت (٢٤٧) صفحة طويلة مزودة بالمراجع والأسانيد، وبلغ عدد من ترجم لهم نحو الخمسمائة والخمسين من العلماء، وكان الأجدر أن يقصر الأستاذ تراجمه على النابهين الأفذاذ من بين هؤلاء، وهم لا يتجاوزون المائة على أكثر تقدير!
ولعل المؤلف قد شعر أنه بذل مجهودا كبيرا دون حاجة ملحة إليه فعمد إلى تبرير صنيعه، وقال في مقدمة المجلد الرابع - وكأنه يرد على -
(وتستغرق التراجم الموجزة لمشاهير العصر جزءا فسر قليل من صفحات الكتاب، وهي في الحق ضئيلة بالنسبة إلى كثيرة عددهم، وواسع فضلهم، ونظرة يسيرة إلى كتب أعلام هذا العصر وطبقاتهم تدل على صواب ما نقول، وقد بدت فيها عناية مؤلفيها نأبناء عصرهم وأنبائهم، وفي الحق أننا وجدنا فيها خضما واسعا بعيد الغور، فلم يكن لنا حاليه إلا حسن الالتقاط والنظم، على أنا مرحلة في هذا الكتاب لا بد من اجتيارزها، ولا سيما أن المؤلفات التي أشرنا إليها جمعت فأوعت، ونوهت بالمشاهير وغير المشاهير).