بنت عمها. وكانت نفس الزوج لا تزال متألمة من جرح عزتها. وشعر بالتعاسة لاعتقاده أنه كان من الحماقة أن يتركها تذهب دون أن يقاوم، فهو يشعر بأن الحياة بدونها لا تطاق.
وقف أمام النافذة التي وقفت أمامها منذ أسبوع وفكر فيها وفيما تعمله الآن. وكانت صورتها المكبرة على الحائط فقال في نفسه:(ترى كيف حالتها الآن؟ لعلها في خطر!)
وإنما أتى بهذه الكلمة إلى ذهنه أن أعصابه كانت شديدة الاضطراب. ولم يكن يطيق النظر إلى صورتها.
وكانت الغرفة مملوءة بصور أخرى لبناته فنظر إلى تلك الصور وهو يبتسم ابتسامة مرة وقال: إنها انتصرت عليّ طول الخط وإنني هزمت على طول الخط كذلك.
ونظر إلى الساعة، وكان الليل قد انتصف وتشبثت بذهنه فكرة الخطر، وفكر في مقدار المسافة التي قطعها إذا أراد زيارتها، ولكنه شعر بأن ذهابه في مثل هذه الساعة ليسأل عن صحتها لا يمكن أن يكون إلا حماقة. واختصم في ذهنه العقل مع الغريزة فكانت الأخيرة هي الغالبة.
وكان الكل قد ناموا، ولكن فتحه جراج السيارة لا يستغرق إلا دقائق، ثم يخرج السيارة ويوقظ السائق، فيخبره بأنه ذاهب إلى جنوب لوندرا، وأنه ليس في حاجة إليه.
وفعل ذلك، واخترقت السيارة الطرق، وهو يزيد السرعة قبل فوات الوقت. ولم يكن قد زار من قبل النادي الذي تقيم فيه زوجته ولكنه كان يعرق عنوانه، وكانت الغريزة وحدها هي التي تقوده الآن. ثم تلاشى حكمها، وتحكم العقل فأسند ظهره إلى الكرسي، وأخذ يضحك من حماقته، وهو يخترق الشوارع الخالية. . إلى أين يذهب؟ لا إلى شيء!
وأخذ يدق الجرس. . فلو رآه حد في الطرق الخالية لخاله سكران!
ووصل إلى النادي، فنزل من السيارة ونظر إلى النوافذ فلم ير إلا دخانا يتصاعد. وأصغى فسمع أصواتا ندل على وجود حريق في النادي، فوضع يده في فمه، وصفر ليدعو الجنود، وأخذ يحاول كسر النافذة بالآلات التي يصلح بها السيارة. وفي الوقت الذي كان يصيح فيه باستدعاء المطافئ استطاع الدخول من الفتحة التي أوجدها في النافذة فجرح رأسه ويداه، وكاد الدخان يخنقه فتراجع حتى تمكن من وضع منديل في فمه، ثم دخل مقتحما وأخذ يصيح (يا هيلين! يا هيلين!) فخرجت إليه سيدة قال لها: (إن المكان يحترق! أين زوجتي؟)