قالت: (أنها نائمة في الطابق الأعلى).
ثم صعدت معه وصاح باسمها فخرجت ودهشت وقالت (لماذا جئت ياجون؟)
فقال: (أسرعي بقليل من الماء)
فأسرعت وعند عودتها تذكر أنه لم يشرح لها سبب مجيئه فقال: (إن النار في البناء! لا ينبغي أن نضيع الوقت) ثم وضع منديلا مبلولا آخر حول فمها وبل المنديل الذي حول فمه ونزل معها في وسط الدخان المتصاعد، فلما رآها يكاد يغمى عليها حملها بين يديه، وكانت الحرارة شديدة حتى يكاد يغمى عليه أيضا، وخرج بها من النافذة.
كانت الساعة الثالثة صباحاً عندما عاد الزوجان إلى منزلهما ولم يتبادلا إلا كلمات قليلة وكانت الزوجة شديدة الشحوب وقالت: (لقد جئت إلى هنا يوم العطلة السالفة. ولكنك لم تجئ فيه).
قال: (نعم هذا هو الواجب علي في الظروف)
قالت: (أي ظروف؟) فلم يجب. وقالت
(ما الذي جعلك تأتي في هذه الساعة وكيف علمت؟)
قال: (لا أعلم ولكن كان مستوليا على شعور غريب بأنك في خطر فأتيت وأنا أعرف أن إطاعة هذا الشعور حماقة، ولكني لم أستطيع منع نفسي. وما كنت أصدق القصص التي من هذا القبيل وكنت أسمع صوتا يقول لي إن زوجتك المحبوبة في خطر).
فسكتت مدة طويلة ثم قالت: (لم أكن أعلم أنك تحبني إلى هذا الحد)
قال: (إنني رجل محتجز يا عزيزتي وقد كنت أعتقد أنك تدركين حبي لك. ولكنني لم اكن أستطيع الوصول إليك لأنك تهربين مني).
فقالت: (نعم لأني خائفة)
قال: (خائفة!! من أي شيء؟)
فقال: (خائفة من إظهار محبة أكبر من المنزلة التي وضعتني فيها. إن لي عزة نفس وذلك كنت أجعل بناتي ساترا حتى لا تراني)
قال: (وكيف عرفت المنزلة التي أضعك فيها)
فقالت: (عرفتها من ذهابك بعد العشاء مباشرة إلى مكتبك كأنك لا تريد أن تكون معنا)