الغد. خابريني بالتلفون وإذ ذاك تستطيعين التحدث بكل شيء. إن كلا منا حر مطلق التصرف في نفسه، فإن لم يبق بيننا (حب) فلا حرج ولا بأس. . لنفترق.
ثم وضع قبعته على رأسه مهتاجا وارتدى (سترته) وخرج دون أن يودعها.
. . كان يسير إلى داره مستعداً في ذهنه حركاتها وصوتها فبدا له كل ذلك صورة من مكر وخداع بغيضة! لقد كانت تحدثه عن الملهى حديث المضيف إلى زائر طرقه، وذلك فعل المرأة إذا تريد كذباً، وكانت تتحدث عن الملهى حديثاً عاماً مبهماً بالطريقة التي يتكلم بها المرء عن حوادث قدم عليها العهد، وكان عليها - إلى هذا - أن تبتدع كذبة تأخير الرواية ساعة عن ميعادها المعين لتبرر تأخرها عن موعد انتهاء أوقات الملاهي عادة!
أما البطاقة. . فمن يدري؟ لعلها ابتاعتها. . . وهي تستطيع ذلك. بل ربما دخلت الملهى حقا وشاهدت الفصل الأول. . ثم. .؟
غير أن فكرة - آخر الأمر - اعترضته فوقف تحت مصباح الشارع وأخرج من جيبه البطاقة التي كان قد وضعها في جيبه بغير شعور منه.
فلما فتح البطاقة الصغيرة الخضراء ليتبين التاريخ عليها وجد أنها قديمة، مؤرخة بتاريخ أول الشهر، وهم اليوم في الثامن عشر منه! فيالها من كذبة دنيئة!
كان أول ما دار بخلده أن يمزق قطعة الورق البغيضة تلك. . غير أنه أعادها إلى جيبه ثانية لسبب خاص. .
إنها حقا كذبة إنسان صفيق الوجه! فيالها من زلة! إنها كفيلة بأن تخجل الإنسان من نفسه. .
ولما وصل إلى بيته لم يجد في شبابيك طابقه أنوارا! كأن زوجه لم تعد، وكان ذلك له خيراً، ففي استطاعته أن يزعم - الآن - لها أنه كان في الدار طوال المساء فقضاها أمسية وحيدة على مضض منه. . غير أن ضوءاً بدا في غرفة النوم - بغتة - لقد سبقته زوجته إلى الدار! منذ خمس دقائق فقط!
فصعد إلى الطابق الخامس بسكون مفكراً فيما عسى أن ينتحل من الأعذار؛ ثم تسلل إلى الردهة في ارتقاب وحذر في حين أن زوجته كانت خارجة من غرفة النوم مسرعة وهي تشد وسطها بحزام فستانها البيتي، فلما وقع نظرها عليه ابتدرته سائلة في استغراب: