ولكن المحافل العامة إجمالاً حين تتناول مسألة الدفاع عن الشرق الأوسط تفكر في أمور معينة تشترك فيها الأوساط المعنية بالأمر.
هذه الأمور هي: -
(١) - المركز الاستراتيجي للشرق العربي في خطط الدفاع عن الميدان الأوربي - كلا المعسكرين الروسي والغربي، وهذه الاستراتيجية تشمل قناة السويس والمطارات الجوية الصالحة لخطط حلفاء الغرب وما قد يفكر فيه الروس من خطط عسكرية مماثلة.
(٢) - الثروة البترولية في هذا الشرق وأهميتها لعصب الجهاز الحربي لأي من المعسكرين المتطاحنين.
(٣) - كون الشرق العربي نقطة القفز إلى القارة الإفريقية التي لها في مستقبل الاقتصاد الأوربي والأمريكي مكانة بارزة.
(٤) - أهمية الشواطئ الشرقية للجزيرة العربية وخليج العجم في الخطط البحرية لأساطيل الحلفاء في المحيط الهندي وفي الرغبة القديمة الكامنة في روسيا للوصول إلى منافذ مائية إلى هذه البحار الآسيوية وإلى البحر الأبيض المتوسط.
وقد كثر الحديث عن هذه الأمور - أو عن بعضها - لدرجة أصبحت معالجتها من قبيل الكلام المعاد، وأصبح تحليل أوضاعها من قبيل الابتذال في الاجتهاد الفكري.
ولكن الواقع أن معالجة الناس لهذه الأمور - وفي الشرق العربي خاصة - كانت ولا تزال مشوبة بطابع السطحية والنظرة الركنية التي لا ترى الحقائق إلا من جانب واحد، وهذا شيء طبيعي مبعثه العوامل القومية العنيفة التي تتفاعل في تفكير العرب هذه الأيام؛ وقصور الصحافة العربية وألسنة الرأي العام عن الأسباب في معالجة الشؤون الدولية عامة والناحية العربية في الشؤون الدولية على وجه الخصوص - معالجة دقيقة مسهبة.
وكل ما يطمع كاتب هذه السطور لتسجيله هنا هو جمع أكبر قسط مستطاع من الآراء والتعليقات والتصريحات وما تنطوي عليه سياسة بعض الدول (المعنية بشؤون الشرق الأوسط) من مادة فكرية خاصة بموضوع الدفاع عن الشرق الأوسط، وتنسيق هذه المادة بحيث تعين الباحث في هذا الموضوع على تكوين فكرة شاملة عنه تكون ذخيرة نافعة للذين