وقد ذهب مقاتل إلى أن اشتقاق (الميسر) من اليسر، لأنه أخذ لمال الرجل بيسر وسهولة، من غير كد ولا تعب.
وقال الواحدي: إنه من قولهم يسر لي هذا الشيء ييسر يسراً وميسراً، إذا وجب.
وقال أبو حيان في تفسيره: إن السهام التي يقتسم بها يقال لها أيضا (ميسر) وذلك للمجاورة. والوجه فيما ذكره أبو حيان أن يقال إن مجازها من أنها آلة الميسر.
على الإسلام فيما بعد أطلق (الميسر) على جميع ضروب القمار.
١ - روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إياكم وهاتين الكعبتين فإنهما من ميسر العجم). فقد جعل رسوله الله صلى الله عليه وسلم لعب (النرد) ضربا شبيها بميسر العرب في اقتسام الجزور. والكعبة في هذا الحديث هي الفص من فصوص النرد، يقال له (كعب) و (كعبة) أيضاً.
٢ - وفي الحديث أيضاً أنه (كان يكره الضرب بالكعاب).
٣ - وعن ابن سيرين ومجاهد وعطاء:(كل شيء فيه خطر - وهو ما يأخذ الغالب في النضال والرهان ونحوهما - فهو من الميسر، حتى لعب الصبيان بالجوز).
ولا يزال اللعب بالجوز ونحوه من البندق والفول السوداني وقصب السكر متعارفا بين صبياننا إلى هذا العهد، يزاولون لك بطرق مختلفة.
فالتابعون والفقهاء قد ألحقوا بميسر الجاهلية كل ما يمت إليه بسبب من مختلف ضروب القمار، قاسوا هذا بذاك، ولم يستثنوا من ذلك شيئاً إلا السبق في الخف والحافر. قال الفخر الرازي:(أما السبق فبالاتفاق ليس من الميسر، وشرحه مذكور في كتاب السبق والرمي من كتب الفقه).
وأما الشطرنج والنرد ونحوهما فكراهتهما لما فيهما من شبهة القمار. قال الفخر:(قال الشافعي: إذا خلا الشطرنج عن الرهان، واللسان عن الطغيان، والصلاة عن النسيان، لم يكن حراماً). قال:(وهو خارج عن الميسر، لأن الميسر ما يوجب دفع المال أو أخذ مال، وهذا ليس كذلك فلا يكون قماراً ولا ميسراً).
وقال مالك: الميسر ميسران: ميسر اللهو، فمنه النرد والشطرنج والملاهي كلها. وميسر القمار وهو ما يتخاطر الناس عليه.