للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقال ابن قتيبة بعد أن ذكر الميسر الذي حرمه الله في الكتاب، وهو ضرب القداح على أجزاء الجزور قماراً: (ثم يقال للنرد ميسر على التشبيه، لأنه يضرب عليها بفصين كما يضرب على الجذور بالقداح، ولأنهما قمار كما إن الميسر قمار، ولا يقال للشطرنج ميسر ولا من الميسر، لأنها فارقت تلك الصفة وتلك الهيئة إنما هي رفق واحتيال).

ويفهم من هذا النص إما أن لعبة الشطرنج في عصر ابن قتيبة لم تكن مجالا للمقامرة، أو خفي على علمه أن لاعبيها كانوا يقامرون عليها، ولكن معرفته بأن النرد كان مجالا للمقامرة يرجح أن الشطرنج لم تتخذ في عصره موضعا للمقامرة.

وكان القوم ينفرون من الشطرنج ولاعبيها نفوراً شديداً. روى الراغب الأصفهاني أن أهل المدينة كانوا ينظرون إليه من نقص دينه، ولأنهم كانوا يزعمون أن الشطرنج (إحدى الضرتين)، وذلك لما يشغل صاحبه شغلا عن أهله وبنيه.

لفظ القمار ومعناه

والقمار لفظ أعم من الميسر، إذ يطلق على جميع أنواع المراهنة. يقال: قامره مقامرة وقماراً، إذا راهنه؛ وقمره قمراً، إذا غلبه في ذلك. وفي حديث أبي هريرة: (من قال تعال أقامرك فليتصدق بقدر ما أراد أن يجعله خطراً في القمار). ويقال تقمر الصياد الظباء والطير بالليل، إذا صادها في ضوء القمر فتقمر أبصارها في ضوئه، أي تعشى وتتحير فتصاد. والتقمر: الاختداع. فمرجع القمار إنما هو الخداع. وكذلك يفعل لاعب القمار، فإنه يحاول إختداع صاحبه لتكون له الغلبة عليه.

لفظ الأزلام ومعناه

والأزلام جمع زلم بالتحريك وبضم ففتح. والزلم، والسهم، والقدح بالكسر مترادفة المعاني، تدل كلها على قطعة من غصن مسواة مشذبة.

وأكثر ما يستعملون (الزلم) في (الاستقسام)، وهو ما سنفرد له قولا خاصاً. وأكثر ما يستعملون (السهم) في سهم القوس الذي يرمى به، وأكثر ما يستعمل القدح في قداح الميسر التي تجال لقسمة الجزور، وكل من هذه الألفاظ الثلاثة ينوب عن الآخر في الاستعمال.

زمان الميسر

<<  <  ج:
ص:  >  >>