العين، وحسبك أن هرقليس رمز القوة ومثالها كان إلهاً.
تأثر ظهور الكاهنة الوسيطة التي يتكلم بلسانها الإله، ولكن أحد لم يسمع هنين السأم، ولم يلمح عبوس الانتظار لأن الجمهور كان يجد في ما يرى غذاء لفضوله ورياً لشوقه، كان يرى هيلوس بكر هرقليس أو أكبر الأخوة، وهو محارب عملاق عاري الذراعين مجدول العضلات مطهم الوجه، فيجده وعلى منكبيه جلد الأسد، وفي يديه الهراوة العقداء، أشبه بأبيه من الليلة بالليلة، ثم يرى أنتينور، هو سوغ هيلوس وأدق منه ملامح وأرشق قامة. كان يتشح بقداسته الجديدة، ويبتسم لشباب الإغريق، منفوخان يتنسمان عبير الإعجاب في نشوة ولذة. وعلى الجملة كان الإله أنتينور شديد الخيلاء والصلف. أما أخوهما (إيجسط) فكان لا يشبههما في شيء غير القوة والشهامة. كان وجوده في هذا العصر وفي هذا المصر خطأ صارخاً في تقويم الزمن، وأعجب شيء فيه أنه كان أشقر الشعر ساهم الوجه منقبض المزاج، وانقباض المزاج عاطفة عصرية مسيحية. ثم كان يرجع من المعارك الدامية الشعواء إلى الدار عذب الروح حيي الطبع، كأنه أحد أولئك المحاربين الشقر من أهل الشمال: يصرعون المردة والأغوال، ثم يطأطئون الهام ويحرمون الكلام أمام عصا ساحرة صغيرة. كان وهو يتحسر على عرش (أرجوس) كأنما يأسى على شيء أعز عليه من عرش! فإلى أين إذنكانت تصعد زفراته وتتبخر دموعه؟ أإلى بيت صديق، أم إلى قبر أم؟ علم ذلك عند الله، فان سره لم يسافر عن ضميره إلى أحد، حتى أخته الفتاة مكريا، وهي أمينة سر الأرة لم يفض إليها بذات صدره. وكانت مكريا جالسة إلى جانبه تصلي. . عفواً يا أختاه! لقد شغلت بالأبطال عن العذراء، ولكنها هي الملومة! أنظري! إنها مستترة في ظل أخوتها، كأنها تحرص على أن تغفلها العيون. إنها لم تكشف عن وجهها النقاب بعد، فقسماتها لا تزال مجهولة، ولكنك أسلفت لها الحب ولا شك، لأنك سمعت منذ قليل أنها وديعة تقية
وأخيراً أعلنوا ظهور الكاهنة الوسيطة. وكان الوهن لا يزال بادياً عليها من أثر ما أصابها من اختلاج الأعصاب في وساطتها الأخيرة بين الآلهة والناس. فهي تجر نفسها جراً من الإعياء والجهد، حتى بلغت المنصة متكئة على كاهنين من كهنة أبولون. حينئذ انفتح في جوف المحراب باب على مصراعيه فاقتحمته هبة عريضة من الهواء العازف، فقشعت