دخان القرابين وهزت الجمع الحاشد فضج الناس قائلين: (الإله! هذا هو الإله!) وعندئذ اضطربت النيبة المعذبة في المنصة اضطراب الذبيح. فجشعت الأصوات وأصغى القوم
بدأت الكاهنة أمرها بالشهيق، ثم اتبعته بمقاطع من الأنين والضراعة، ثم انتهت إلى كلمات ذاهلة لا تسفر عن معنى، ثم تكلم الإله بلسانها فقال:
(إن (منيرفا) ستقاتل. . .! وعلى خوذتها الإلهية
ستصيح البومة: (إني عطشى) ويذهب جهدها باطلاً تدعونو منيرفا آلهة النصر
وآلهة النصر أختها فلا تخذلها. . .
إني أسمعها وهي قادمة تئز أجنحتها في الهواء. . .
ولكن البومة تصيح: إني عطشى! وأريد أن أرتوي بالدماء. . إن أرجوك تنتظر ملوكها لتؤلههم:
اضطربي وميدي يا ارجوس! إن البومة في طيرانها السفاح تحوم في الجو باحثة عن جبهة نقية تضحيها
إنها تحوم تحوم ثم تقع على. . . ولد من أولاد هرقليس)
وفي هذه الساعة الرهيبة العصيبة على أبناء هرقليس، لم يكن في المعبد من ملك نفسه وضبط حسه غير أبناء هرقليس! على أن الكاهنة لم تكد تمسك عن الكلام حتى صاح بها هيلوس:
- عيني الضحية بالاسم
ولكنها كانت تتساقط من الضعف على درج المنصة ولم يبق منها إلا رمق. فقال كبير الكهنة: إن الإله كان جبار القلب غليظ الكبد، فإذا استأنفت التجربة قتلها ولا شك. فليقدم أحد أبناء هرقليس نفسه.
فارتفع من بين الجمع ذلك الصوت الرخيم الذي تكلم منذ هنيهة من وراء نسطور وقال: أنا أقدم نفسي فقال له الكاهن في لهجة قاسية: (من أنت؟ وماذا تسمى؟) فأجابه الغلام: (أنا ابن هرقليس وأسمي إكسوس)
فانفجر الناس بأصوات الدهش لهذا الجواب المفاجئ ثم قال قائل منهم يتهكم: (إذا صدق قولك فقد صدق اسمه وستعلمين يا أختاه أن إكسوس كلمة يونانية معناها العليقي، فكان