للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وحينئذ يقفون الإخراج ويعدون جميع الايسار خائبين، إلا صاحب المعلى، ويلزمونهم الغرم في الجزور الأولى بحسب أنصابهم من جهة، ثم يخلقون لهم جميعا فرصة في جزور أخرى، فينحرونها أعشار، ثم يضربون عليها بالقداح، فإن خرج (المسبل) أخذ صاحبه ستة أجزاء: ثلاثة منها هي الباقية من الجزور الأولى، وثلاثة من الجزور الثانية. فإن استوى ثمن الجزورين كان صاحب المسبل كأنه لم يغرم شيئا ولم يغنم شيئا لأنه غرم ستا وغنم ستا، فتعادل ماله وما عليه

وبقي من الجزور الثانية بعد المسبل سبعة أجزاء، تضرب عليها سائر القداح، فإن خرج (النافس) اخذ صاحبه خمسة أجزاء من السبعة الباقية، فبقى جزءان

وفي هذه الحالة بقي حظه أكبر من الجزءين، وهو (الحلس)، وله أربعة أجزاء، فيعدون صاحبه خائبا في الجزور الثانية يلزمه الغرم فيها بمقدار حظه متضامنا مع سائر الخائبين، فيتيحون له فرصة في نحر ثالثة، فإن خرج غنم أربعة أجزاء: اثنان من الثانية، واثنان من الثالثة، فإن استوى الجزورين كان كأنه لم يغنم شيئا

وبقي من الجزور الثالثة ثمانية أجزاء، يضرب عليها بالقداح من بقى حتى تخرج قداحهم موافقة لأجزاء الجزور، وحتى لا يحتاجون إلى نحر جزور أخرى، استكمالا لنصيب متوقع لأحدهم

هذا الدستور الذي سنه العرب لنظام الميسر، هو كما ترى وليد طباعهم وعاداتهم، ووليد حاجاتهم البدوية

ولا ريب أن (الميسر) كان نافعا للعرب، كان نافعا لذوي الحاجة منهم، لأن العرب في أكثر ما يقامرون إنما يبغون بذلك نفع الفقراء، والتوسع على المحتاجين المعوزين، وقل أن يطعم الايسار من لحم الميسر، وإنما كانوا يفرقونه في البائسين. إلى ذلك ما كان يحدثه الميسر من رواج في سوق الإبل وبيعها وشرائها

ذكر الواقدي أن الواحد منهم ربما قمر في المجلس الواحد مائة بعير، فيحصل له مال من غير كد وتعب،، ثم يصرفه إلى المحتاجين فيكتسب منه المدح والثناء

ولا ريب أيضا أن الميسر كان ضارا للعرب، فهو أكل مال بالباطل، وهو كان يدعو المقامرين كثيرا إلى السرقة واغتصاب الأموال والنفوس، للحصول على فوز رخيص في

<<  <  ج:
ص:  >  >>