للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحكومة الأمريكية أصرت على أنها إذا كانت ستدفع اكبر حصة في هذا الصندوق فأن من حقها أن تفرض النغم الذي يطيب لها عزفه.

وانزعج كينز من هذا ووجد في إصرار الأمريكان على إدارة هذا الصندوق الهام رغبة الحكومة الأمريكية في أن تفرض رقابة شديدة على الأوضاع النقدية في جميع الدول الأعضاء.

وسلم (كينز) للأمريكان واكتفى بتحذير المسؤولين عن وخيم العواقب، ثم عكف عن التأمل في وضعية العالم الاقتصادية في عالم ما بعد الحرب ونشر ذلك في سفر اقتصادي نفيس هي آراؤه العلمية.

وخرج كينز من تأمله العميق وخبرته العملية والتطبيقية الواسع بنتائج اقتصادية عظيمة الخطورة في التعرف عليها اليوم لبعض دقائق السلوك الاقتصادي (والسياسي) للأمريكان حكومة وشعباً.

وكان هم (كينز) أن يضع العلاج للمساوئ التي تكتنف الاقتصاد الحر الذي تعيش عليه الدول الاقتصادية الكبرى في أمريكا الشمالية وبريطانيا، وأن يثبت بأن تنبؤات كارل ماركس الشيوعي عن إفلاس النظم الرأسمالية هي تنبؤات خاطئة لو تيسر لهذا الاقتصاد الحر أن يتبع أساليب مستحدثة في نشاطه الاقتصادي وسياسته المالية والتجارية.

وقد وجد كينز أن عهد الاستعمار المباشر قد انتهى وأن السياسة الاقتصادية الصائبة تقتضي جعل حرية التبادل النقدي أساسا للرخاء الاقتصادي بدل أن تكون السيطرة الاستعمارية على الأسواق التجارية هي عماد الرخاء في البلدان الصناعية الكبرى كأمريكا وبريطانيا، فحرية التبادل النقدي كفيلة بأن تضمن استقرار للأوضاع الاقتصادية وإصلاحا للمساوئ السياسية والاجتماعية التي ترافقها.

وكان الفكر الاقتصادي والتقليدي المعمول به في بريطانيا وأمريكا يؤكد بأن النظام الرأسمالي كفيل بأن يصون نفسه إذا استطاع أن يحقق العمالة الكاملة. فإذا توفر العمل لجميع الأيدي العاملة تولدت حلقة اقتصادية سليمة. فالعمل المستمر يحقق دخلاً مستمراً للناس ويزيد الإنتاج ويتوفر الدخل يزداد الاستهلاك المنتجات، أما استقرار أجور الأيدي العالمة وأسعار المنتجات المستهلكة فسيتوقف على طبيعة المنافسة الحرة في الاقتصاد الحر

<<  <  ج:
ص:  >  >>