بذلك القانون الذي يصلحونه به على زعمهم، قد ناولوه سبحة ليظهر بها مظهر الصالحين، ولم يفهموه شيئاً ففهم أنهم يقولون له: هذه الجريمة واحدة، فعد جرائمك على هذه السبحة لتعرف كم تبلغ!
كانت في الحقيقة لعبة لا سرقة؛ وكانت يد الغلام فيما فعلت مستجيبة لقانون المرح والنشاط والحركة، كما تكون أعضاء الطفل لا كما تكون يد اللص؛ وكان أشبه بالرضيع يمد يده لكل ما يراه، لا يميز ضارة ولا نافعة، وإنما يريد أن يشعر ويحقق طبيعته؛ وكان كل ما في الأمر وقصارى ما بلغ - أن خيال هذا الغلام ألف قصة من قصص اللهو، وأن الكبار أخطئوا في فهمها وتوجيهها. .! ليست سرقة الطفل سرقة، ولكنها حق من حقوق ذكائه يريد أن يظهر
وانتهى (عبد الرحمن) إلى المحكمة، فقضت بسجنه في (إصلاحية الأحداث) مدة سنتين، واستأنف له بعض أهل الخير في بلده؛ صدقة واحتساباً. . . إذ لم يكلف الاستئناف إلا كتابة ورقة. فلما مثل الصغير أمام رئيس المحكمة لم يكن معه لفقره محام يدفع عنه، ولكن انطلق من داخله محام شيطاني يتكلم بكلام عجيب، وهو سخرية الجريمة من المحكمة، وسخري عمل الشيطان من عمل القاضي. . .!
سأله الرئيس:(ما اسمك؟)
-: (اسمي عبده، ولكن العمدة يسميني: يا بن الكلب!)
-: (ما سنك؟)
-: (أبويا هو اللي كان سنان)
-: (عمرك إيه؟)
-: (عمري؟ عمري ما عملت شقاوة!)
النيابة للمحكمة:(ذكاء مخيف يا حضرات القضاة! عمره تسع سنوات)
الرئيس -: (صنعتك إيه؟)
-: (صنعتي ألعب مع محمود ومريم، وأضرب اللي يضربني!)