النيابة للمحكمة:(يا حضرات القضاة؛ مثل هذا لا يسرق علبة كبريت إلا ليحرق بها البلد. . .!
الرئيس: (ألك أم؟)
-: (أمي غضبت على أبويا، وراحت قعدت في التربة، مارضيتش ترجع!)
-: (وأبوك؟)
-: (أبويا لاخر غضب وراح لها)
الرئيس ضاحكاً:(وأنت؟)
-: (والله يا افندي عاوز اغضب، مش عرف اغضب ازاي!)
-: (إنت سرقت علبة الكبريت؟)
-: (دي هي طارت من الدكان، حسبتها عصفورة ومسكتها. . . .)
النيابة:(وليه ما طارتش العلب اللي معاها في الدكان؟)
-: (أنا عارف؟ يمكن خافت مني!)
النيابة للمحكمة:(جراءة مخيفة يا حضرات القضاة، المتهم وهو في هذه السن، يشعر في ذات نفسه أن الأشياء تخافه)
فصاح الغلام مسروراً من هذا الثناء. . (والله يا افندي إنت راجل طيب! أديك عرفتني، ربنا يكفيك شر العمدة والغفير)
وأمضى الحكم في الاستئناف، وخرج الصغير مع رجال من المجرمين يسوقهم الجند، ثم احتبسوا الجميع فترة من الوقت عند كاتب المحكمة، ليستوفي أعماله الكتابية؛ ثم يساقون من بعد إلى السجن
وجلس (عبد الرحمن) على الأرض، وقد اكتنفه عن جانبيه طائفة المجرمين يتحادثون ويتغامزون، وكلهم رجال ولكنه وحده الصغير بينهم؛ فاطمأن شيئاً قليلاً، إذ قدر في نفسه أنه لو كان هؤلاء قد أريد بهم شرٌ لما سكنوا هذا السكون، وأن الذي يراد بهم لا يناله هو إلا أصغر منهم، كصفعة أو صفعتين مثلاً. . . وهو يسمع أن الرجال يقتلون ويحرقون