فأصابت طلقتي طائراً هنا، ولولا اعتقادي أن المكان خال لما دخلته. ولو كنت أستطيع عقاب نفسي على إزعاجك لعاقبتها. .).
فلم تجبه (لينا)! ولكنها أشارت إلى باب الحديقة. . . فأحنى الرجل رأسه ومشى نحو الباب! فلما وصل إليه التفت مرة وأحنى رأسه.
وكانت في هذه الأثناء قد عادت إلى الجلوس، وتظاهرت بأنها تقرأ، ولكن نظرها لم يرتفع عن الصياد، وقد أعجبتها صوته الرخيم الذي لم تسمع مثله قبل الآن، والذي دلت عذوبته على انسجامه مع حسن منظره.
وكانت توازن بين هذا المنظر وبين الرجل الذي تتوهمه وتشعر بأنها مرتبطة به من سالف السنين فلا تحد في الموازنة إلا انطباقاً؛ فخرجت من الباب الذي خرج منه باحثة عنه وقضت في البحث طوال النهار فلم تجده وكانت تسائل فسها: هل يعود؟ وتجيب عن هذا السؤال بأنه لا يمكن أن يعود بعد طردها إياه عندما طلب إليها العفو. وكنت تخجل كلما فكرت في لقائه مرة أخرى لشعورها بأنها ستلقاه، وستعتذر إليه لأنه ليس غريبا عنها ولأن لقاءه كان هو الموعد المنتظر.
وفيما هي تفكر على هذا النحو إذ سمعت صوت مجدافيه في الماء وهو يمر بسفينته أمام المغنى فأطلت من النافذة ورأته يقف لحظة لينظر إلى الحديقة، وأحست بأن السنة تصيح في قلبها بصوت مفرح:(هذا هو! هذا هو!).
ووقع نظره عليها فحدق فيها، وكان هو الآخر كان يحلم بها مثلما حلمها به. وكان يشعر بضعة مكانته وسمو مكانها فلم يجرؤ على مطالبتها بأن تحبه ولكنه تشجع فطلب إليها أن تفصح عنه.
وجرت بينهما جملة صغيرة يسمع الناس مثلها كل يوم ولكن (لينا) تبينت في لهجة هذه الكلمات حباً خالصاً وهوى مشبوباً، ونسيت في هذه اللحظة كل الماضي بل نسيت الحاضر أيضاً.
وسكت كلاهما،، ولكن نظراتهما كانت ابلغ في الخطاب من كل بيان. وقرأت في عينيه تضرعه في الاعتذار فقالت:(لقد عفوت عنك).
ثم ذهبت بعد ذلك منهوكة القوى فألقت نفسها على السرير وبعد تلك الليلة كنت السفينة