للسلب والنهب والعداوات القبلية. فهو قبل أن يضع رجله في غرز ناقته يستفتي الأزلام لتبشره بالفوز وتؤيد رأيه في القيام بهذه الرحلة، أو لترده عما عسى أن يكون قد كمن لله في ثنيات الطريق من مخاوف وأخطار.
٣ - وكان العرب يلقون بالاً كبيراً إلى الانساب، يتحرجون أن يدخل الأجنبي في انسابهم، مبالغة منهم في حصانة القبيلة وتماسكها، فإذا شكوا في نسب مولود أو رجل فليست لهم وسيلة تذهب عنهم ذلك الشك إلا أن يحتكموا إلى الأزلام لتخبرهم بصحة نسبه أو بطلان ذلك.
٤ - وكانوا إذا في حرب عرجوا قبل ذلك على أمين الأزلام ليكشف لهم بالأزلام عما يخبئ الغيب لهم من فوز وغنيمة، أو خيبة وإخفاق فيمضون أو يرتدون.
٥ - وإذا حصل بينهم (مداراة) أي خلاف وخصومة، فإن الحكم فيها هو الأزلام.
٦ - وإذا أرادوا استنباط المياه وأرادوا أن يحفروا بئراً ضربوا بالقداح يستأمرونها في ذلك.
٧ - وكذلك الأمر إذا عزم أحدهم على الزواج، أو على ختان ولده، أو على بناء قبته، وسائر شؤون الحياة التي يطرأ عليه فيها الشك والاضطراب.
أزلام الاستقسام
وأزلام الاستقسام هذه شبيهة بقداح الميسر، فهي عيدان تسوى مثل ما تسوى عيدان قداح الميسر. وإنما سميت هذه القداح بالأزلام لأنها زلمت، أي سويت. ويقال: رجل مزلم وامرأة مزلمة، إذا كان خفيفا قليل العلائق. ويقال: قدح ملزم، وزلم إذا ظرف وأجيد قده وصنعه. وما احسن ما زلم سهمه، أي سواه. ويقال لقوائم البقر أرلام، شبهت بالقداح لطاقتها.
وقد أسلفنا القول أن قداح الميسر تحز فيها حزوز، أو ترسم برسوم تميز بعضها عن بعض. ولكن أزلام الاستقسام كانت تعلم بعلامات خر تتفق مع الغرض الذي أعدت له، وذلك بكتابة خاصة تسجل عليها، كما سيأتي.
ويختلف الرواة في عدد هذه الأزلام فيبلغون بها الثمانية عداً. كتب على واحد منها:(أمرني ربي)، وعلى واحد منها:(نهاني ربي) وعلى واحد: (منكم)، وعلى واحد:(من غيركم) وعلى واحد: (ملصق) وعلى واحد: (العقل) أي الدية. ويضمون إلى هذه الستة قدحاً غفلاً